التمريض ومستقبله

TT

القطاع الطبي في السعودية يعتبر من أسرع القطاعات الاقتصادية نموا، فهو يشكل ركيزة في اقتصاد الخدمات المتنامي. ويراهن الكثير عليه وعلى قدرته في ايجاد فرص توظيفية للعديد من ابناء وبنات البلاد، ولعل أحد أهم المجالات التي تنتظر اقبالا كبيرا من نساء البلاد هو التمريض، ولكن مع الاسف يبقى الواقع بعيدا عن ذلك الطموح. فهناك نوع من الرفض الاجتماعي المغلوط لمهنة التمريض، واعتبارها مهنة «أقل» من المستوى الاجتماعي المطلوب. وهذا طبعا مبني على اعتقادات خاطئة وتصورات واهية.

والمتأمل الموضوعي لوضع التمريض في البلاد والاحصاءات المصاحبة له، يرى أن الحاجة التوظيفية هائلة لأنه يوجد نقص في نسبة التمريض في مجال القوى العاملة، حيث أنه يمثل فقط 20% من العدد الكلي للعمالة التمريضية الموجودة، وبالرغم من أن النسبة في وزارة الصحة هي 28% إلا أن نسبته لا تتجاوز 15% بالقطاعات الحكومية الاخرى ولا تتعدى 1% بالقطاع الخاص.

وبنظرة تحليلية في معدلات زيادة العمالة التمريضية السعودية بالقطاعات بالمملكة نرى أن المعدلات تتزايد بشكل متواصل، ففي وزارة الصحة كانت النسبة عام 1413هـ 16%، وارتفعت حتى 28% في العام 1421. أما بالنسبة للقطاعات الحكومية الاخرى فكانت الزيادة تدريجية، ففي عام 1413 كانت 9%، ووصلت عام 1415 إلى 15%، وبقيت تلك النسبة ثابتة عام 1421.

أما في مجال القطاع الخاص، فقد كانت نسبة التمريض السعودي 0.4% في العام 1413، ثم انخفضت الى 0.1% في عام 1414، ومن ثم تزايدت حتى وصلت الى 1% في عام 1421.

ان مشكلة نقص العاملين السعوديين في حقل التمريض تشتد مع ارتفاع التعداد السكاني، خاصة وأن الزيادة المتوقعة في عدد السكان ستصل الى 25 مليون نسمة عام 2005. ومن المنتظر ألا تتجاوز نسبة التمريض السعودي في نفس العام 30% من القوى العاملة في التمريض. وهذا يعني أن التعداد السكاني سوف يزيد 13%، علما بأننا نفقد 50% من خريجي التمريض سنويا لظروف اجتماعية ومهنية.

ان احصائيات التعداد السكاني تعكس وجود 50% من السكان تحت سن 15، وهم بحاجة الى تمريض نسائي و25% من السكان فوق 15 سنة، هم من النساء وهن بحاجة الى تمريض نسائي، وهذا يعني أن 75% من المجتمع في حاجة الى تمريض نسائي. واذا نظرنا الى احصائية أخرى لوجدنا أن نسبة النساء المتعلمات بالمملكة هي 50%، وأن 10% فقط من هذه النسبة تعمل.

وعليه فإن الحاجة باتت واضحة لضرورة رفع مستوى التوعية للمجتمع السعودي عن ضرورة مساهمة المرأة في هذه المهنة العظيمة والتي كانت تمارس من قبل صحابيات جليلات ايام الرسول صلى الله عليه وسلم. وكم يكون مناسبا لو تمت مبادرات ما بين وزارة الثقافة والاعلام ووزارة الصحة لإرساء برامج توعوية مشتركة.

مهنة التمريض مهنة عظيمة ومردودها المعنوي والاقتصادي جيد، وكل الأمل أن نساهم في نشر قيمتها لما فيه الصالح العام والحاجة الملحة.