زكاة.. جديدة

TT

السعوديون بطبعهم يحبون العمل الخيري ويسعون إليه. ولتلبية الاحتياجات الاجتماعية المختلفة أسست العديد من المشاريع والجمعيات الخيرية التي تخاطب ذلك. ولكن كثيرا من الأفكار والمشاريع الممتازة كتب عليها الفشل نظرا لعدم قدرتها على تلبية الاحتياجات المالية المطلوبة لتمويل مصاريفها.

وتمويل المشاريع الخيرية تبقى عقبة واضحة أمام الطموحات الهائلة والنوايا الطيبة لأن الكثير من المشاريع من الممكن أن تحصل على بعض التبرعات في انطلاقها باسلوب التوسل والتسول، ولكن بعد ذلك تبقى مسألة التمويل المستدام هي العقبة الحقيقية الكبرى فتتوقف وتتقلص أهم وأفضل المشاريع والافكار.

ووسط المتطلبات الخيرية والاجتماعية المتزايدة يبدو أنه لا بد من اعادة النظر بجدية في علاقة الزكاة بكل ذلك. والمقصود هنا أن الزكاة التي تحصل اليوم من الافراد والشركات بحاجة الى أن يتطور مفهوم أوجه صرفها ليشمل الجمعيات الخيرية ومشاريعها المختلفة. فحاليا هناك "ريبة" عند الكثيرين حين يتبرعون لأغراض خيرية مختلفة ولا يعلمون يقينا اذا كانت تبرعاتهم هذه زكاة أم لا، والأمل الذي يحدوهم هو أن تستطيع الدولة مع العلماء من توسيع وتحرير بنود الزكاة ليسمح للشخص أو الشركة أو المؤسسة بأن يتبرع للجهة التي يرتئيها على أن يخصم هذا التبرع من وعائه الزكوي، هذا حتما من شأنه أن يطور العمل الخيري بشكل هائل.

هناك أكثر من دولة اسلامية وأكثر من عالم اسلامي قام بقراءة جديدة وتفسير جديد للآية رقم 60 من سورة التوبة "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" وكان جل التركيز على كلمة المساكين، وفي التفاسير الجاري البحث فيها والعمل بها هو أن المساكين اليوم فئة غير قادرة، والقدرة تنطبق على كل من لديه نقص أو عجز معين كالمعاق أو من لديه صعوبة تعلم وغيرها من الامثلة، وهذا طبعا يفتح المجال الكبير والمطلوب للاجتهاد الاجتماعي الهائل في ركن الزكاة.

واذا كان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام بتعطيل العمل بسهم المؤلفة قلوبهم بناء على وضع ارتآه كولي أمر قد يكون من المطلوب المفيد فتح مجال الاجتهاد لتتسع القراءة في آية الزكاة هذه لتشمل فئات محرومة و"مسكينة" ومحتاجة بالفعل في المجتمع اليوم.

الزكاة ركن عظيم من أركان الدين الاسلامي. فالزكاة الغرض الأساسي منها احداث العدالة الاجتماعية والمشاركة المالية وتوزيع المسؤولية والتكافل الاجتماعي. ولتفعيل ذلك لا بد أن يكون باب الاجتهاد مفتوحا وقادرا على التخاطب مع احتياجات الوقت ومتطلبات المجتمع الآتية تحقيقا وتثبيتا لمقولة ان الاسلام صالح لكل زمان ومكان.

السعودية التي قامت بإجراءات ممتازة أخيرا لتنقية مؤسساتها وجمعياتها الخيرية من الفوضى التي كانت سائدة في بعضها، مطالبة بتطوير فكر الاجتهاد في باب الزكاة، فالمصلحة العامة باتت تتطلب ذلك.

[email protected]