أخرجوهم من جزيرة العرب!

TT

ثلاثة من المتخصصين في الجراحة الدقيقة في أحد المستشفيات قرروا الرحيل من السعودية لأن بن لادن ورفاقه المقيمين في لندن يطالبون بإخراج الغربيين الكفار من جزيرة العرب. فالحملة القائمة تخطط لاستهداف مداخيل البلاد وخلق فوضى بتعطيل الخدمات الحيوية، من منشآت بترولية الى مستشفيات رئيسية. لجأوا الى هذا التكتيك بعد ان صار واضحاً ان العمليات العسكرية الكبيرة التي كانوا يحاولون توجيهها ضد المرافق الكبيرة لم تؤد غرضها. صار البديل ترويع الأجانب بدعوى دينية مزورة، اعتقادا انها ستبرر عمليات الخطف والاغتيال والذبح.

ودعوى اخراج المشركين من جزيرة العرب نفسها تحتاج الى تأمل في نتائجها المرجوة من قبلهم ومعانيها بما تحمله من مفارقات مضحكة. فالذين يطالبون بطرد المشركين من جزيرة العرب هم سلالة اتباع فكر الذين لاحقهم أهل الجزيرة العربية نفسها حتى طردوهم بعد ان اعلنوا خروجهم على الخليفتين الراشدين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، لقد لوحقوا ختى تخوم الخليج بعد ان كانوا يعتبرون ان الخليفة عثمان كافرا، فقتلوه وأشاعوا عمليات قتل الأطفال والنساء حتى استنفر المسلمون ضدهم فلاحقوهم الى ان أخرجوهم. وهم الذين جاء فيهم حكم الرسول عليه الصلاة والسلام القائل، «سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فإذا لقيتموهم فاقتلوهم». لقد لوحق سفهاء الأحلام قبل 1400 سنة وسيُلاحقون اليوم للسبب نفسه حتى يتم إخراجهم من جزيرة العرب.

والحقيقة ان جزيرة العرب ظلت طوال العهود الاسلامية المتعاقبة، ولـ14 قرنا، مقرا لكل الناس ومزارا لفرق وأتباع أديان سماوية ولم ينقطع وجودهم يوما واحدا، والى الآن.

دعاة اخراج «المشركين» في عصرنا لم يطالبوا بتنفيذ ذلك إلاّ في السعودية مستثنين بقية دول الجزيرة الخمس، لأن معركتهم في الوقت الحاضر مع دولة واحدة معركة سياسية بالدرجة الأولى تحاول إضفاء طروحات دينية على مواقفها. والذين يروجون لمشروع الطرد هم انفسهم موجودون في اوروبا يعيشون على معونات حكوماتها، ويقيمون تحت حماية اجهزتها الأمنية، وهم في نفس الوقت يتحدثون عن محاربة الغرب وتطهير البلدان الاسلامية من المشركين!

واذا كان لا بد من طرد أحد من ارض جزيرة العرب، فهم هؤلاء القتلة والذين يدافعون عنهم والذين يسكتون عنهم، لا الأطباء الذين يعالجون المرضى والمهندسون الذين ينمون والعلماء الذين يدرسون والعمال الذين يبنون.

[email protected]