إنزال أميركي... مزحة ثقيلة

TT

الأوضاع في منطقة دارفور في السودان دليل على ازمة اخلاقية عربية كبرى تشمل الحكومات والشعوب ومؤسسات المجتمع المدني.

هناك مأساة انسانية كبرى ضحيتها مليون شخص بين مشرد وجائع، والمنظمات الانسانية الدولية والأمم المتحدة ومنظماتها تعمل على مدار الساعة لمساعدة الناس، وتقارير منظمات حقوق الانسان مرعبة رغم التطمينات الرسمية السودانية، ورغم كل ما يقال في الخرطوم عن مبالغات وعن سوء نية دولية بالتعامل مع القضية.

الأمين العام للأمم المتحدة سيصل الى دارفور لتقصي الازمة الانسانية ووزير خارجية اكبر دولة في العالم سيصل الى دارفور بعد ضغوطات كبيرة من مؤسسات المجتمع المدني الأميركية والأوروبية، بينما لا نرى وزيرا عربيا، ولا حتى منظمات انسانية خيرية عربية تفعل شيئا.

أتحدىأي انسان ان يجد في الفضائيات العربية المشغولة بمقاومة الفلوجة، وبانتصارات الارهاب في العراق شيئا عن هذه المأساة الانسانية رغم انها تحدث في بلد عربي وضحاياها من المسلمين.

الحكومة السودانية اتخذت قرارا صائبا بوقف تسليح عصابات الجنجاويد ولكن بعد خراب البصرة كما يقول العرب، قد قامت حكومات سودانية بتسليح هذه العصابات واطلاق يدها حتى كبرت واصبحت خارج نطاق السيطرة.

هناك ازمة اخلاقية عربية لا نريد ان نعترف بها، فجريمة سجن أبو غريب حركت الكثيرين وهو أمر طيب ولكن جرائم صدام بحق العراقيين في أبو غريب وغيره لم تكن تعني شيئا لكثير من المثقفين العرب، ولكن لأن الذي عذب العراقيين هو أميركي فقد كانت الغضبة ضد الأميركي وليست من اجل العراقي، وكذلك الحال فقد دامت الحرب السودانية عشرات السنين ولم يكترث العرب بملايين الضحايا ولا بالمجاعات. واعتقد ان الحل لأزمة دارفور هو بانزال قوات أميركية لأن ذلك سيجعل الفضائيات والاحزاب العربية تنتفض للشرف العربي وللانسان العربي وستقوم حملة شعواء للتضامن مع السودان. وبالتأكيد نحن نمزح. ولكنها مزحة ثقيلة مطلوبة.