لهذه الأسباب قررت التوقف عن الكتابة..!

TT

هذا هو مقالي الاخير لثلاثة اشهر. فقد حصلت على اجازة بحثية لانهاء كتاب عن الجيوبوليتيك بعنوان «العالم مسطح». وليس من السهل الانقطاع عن العمل في الوقت الراهن. ولكني اريد التراجع لتشكيل اطار افضل ذاتي لشرح ماذا يجري هناك. وفيما يلي بعض العناوين التي اود الاطلاع عليها خلال غيابي.

الحكومة العراقية تقضي على التمرد في المناطق السنية بدون مساعدة من القوات الأميركية.. شكرا للمعلومات الاستخبارية المقدمة من العراقيين انفسهم. واعتقد ان السبب الرئيسي لوقوع فضيحة سجن ابو غريب هي ان القوات الاميركية في العراق كانت تواجه تمردا ولم يكن لديها معلومات استخبارية. كما ان عددا قليلا من العراقيين ينظرون الينا نظرة شرعية او بقدرتنا على حمايتهم، ولذا فلم يرغبوا او لم يجرؤوا على التقدم بمعلومات استخبارية بخصوص من الذي يهاجمنا. ونتيجة لذلك، فإن بعض القوات الاميركية حاولت استخلاص تلك المعلومات منهم ضربا، والسؤال الاساسي الذي اطرحه الآن في العراق هو: الآن عندما يصبح لحكومة عراقية جديدة متنوعة ومرضية التمتع بالسيادة، هل سيتقدم العراقيون، ولاسيما من المثلث السني، بالمعلومات الاستخبارية المطلوبة للجيش العراقي الناشئ لضرب المعارضة العنيفة في العراق، بنفسه ـ أي بمساعدة من الشعب العراقي وليس منا؟ واذا ما حدث ذلك، فهو يعني ان عددا كبيرا من العراقيين السّنة على استعداد لتأييد العراق الجديد. واذا لم نشهد ذلك، فهذا يعني ان الوسيلة الوحيدة التي يمكن بها القضاء على التمرد هي عن طريق وسائل متشددة، وهي، إن جاءت من قوات اميركية، ستحرج الحكومة العراقية الجديدة واذا اتت من الجيش العراقي الجديد يمكن ان تشعل فتيل الحرب الاهلية. وقوى المعارضة الاسلامية بلا هدف سوى فعلها أي شيء للتأكد من فشل الاميركيين، بما في ذلك التضحية بكل العراق. وفي النهاية، فإن العراقيين هم الذين يمكنهم استئصالهم.

الرئيس بوش يفاجئ الناخبين ـ ويقوم بعمل مشابه لنيكسون في الصين ويعلن خطة مشتركة اميركية ـ صينية سريعة لتطوير طاقة بديلة. ففي كل شهر تضاف 30 الف سيارة جديدة تقريبا الى الطرق في الصين شهريا. وفي كل يوم تشير عناوين الصحف الصينية الى نقص الطاقة وانقطاع التيار الكهربائي وخفضه. ويقدر مسؤولون اميركيين ان 24 من بين اقاليم الصين البالغ عددها 31 اقليما تعاني من نقص في الطاقة. وتتشكل السياسة الخارجية الصينية في الوقت الراهن من امرين; تايوان والبحث عن النفط. فقد ارتفعت واردات النفط في العام الماضي وحده بنسبة 30 في المائة. وهو ليس بالامر الجيد. فمن الناحية البيئية شاهدت خلال وجودي في بكين لمدة 10 ايام أجواء صافية مرة واحدة فقط. بينما كانت الايام السابقة رمادية وملوثة. من ناحية التنمية، فإنه سيتم تقييد نمو الصين قريبا، اذا لم يكن ذلك قد حدث بالفعل بسبب النقص في الطاقة. من الناحية الاستراتيجية، يمكن للصين واميركا الدخول في مواجهة خطيرة للتنافس على النفط. إذا كان هناك وقت ملائم للأفكار الكبيرة، فهو الآن. ونحن نريد أن يفاجئ الرئيس بوش نفسه أولا، قبل أن يفاجئ الآخرين وأن يقترح مشروع مانهاتن العظيم المشترك بين الصين والولايات المتحدة، الذي يرمي إلى تطوير مصادر الطاقة غير الملوثة، فيجمع بين أفضل العلماء الصينيين وقدرتهم على تنفيذ المشاريع الجديدة، وبين أعظم العقول والتقنيات والأموال الأميركية. وقد قال سكوت روبرتس، محلل أبحاث الطاقة بمجموعة كمبردج: « عندما يتعلق الأمر بالتقنيات والطاقات المتجددة، فإن الصين يمكن أن تكون هي مختبر العالم، وليس فقط ورشة العالم». حكومة بوش تنادي بوضع حد للحرب ضد الإرهاب: بالطبع لا. لم أفقد قواي العقلية وأنا أخرج من الباب. فأنا أعرف أن لدينا أعداء وأن مواجهتهم واجبة. ولكن لا أريد أن تكون هذه الحرب هي الرسالة الوحيدة لأميركا في العالم، رغم أن هذا هو بالضبط ما حدث في ظل هذه الإدارة. ولا اريد أن أسخر ما تبقى من عملي المهني لخدمة وطن يعرف كيف يصدر الخوف لا الأمل، وينتهي به الحال لاستيراد كل مخاوف الآخرين كنتيجة لذلك. لا أريد أن اسخر مجهوداتي لإقناع الطلاب الصينيين بالأسباب التي حدت بحكومتي إلى أن تحرمهم من تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة. كما لا اريد أن أقضي بقية عمري المهني في زيارة السفارات الأميركية عبر العالم لأجدها معزولة ومحصنة بالأسلاك الشائكة بحيث لا يتساوى وجودها والعدم. إن جهودنا لهزيمة أعدائنا صاغت لنا هويتنا على غير ما نهوى. فأمريكا ليست «المؤسسة العسكرية لمحاربة القاعدة». إنها أكثر من ذلك بكثير. ومن المؤسف أن هويتنا في العالم، وكثيرا من أوجه حياتنا، قد تشوهت ونحن نضطلع بتنفيذ تلك المهمة. وإذا سارت حملة انتخاباتنا في الإتجاه الصحيح، فإنني سأعود، ليس لأجد المرشحين يناقشون من هو الأكثر عنفا وشراسة، فالغابة تفيض بهؤلاء وتكتظ، بل لأجدهم يناقشون كيف يمكن للرئيس أن يكون حازما، وأن يحافظ في نفس الوقت على خير ما كان لدينا.

* خدمة «نيويورك تايمز»