من تشبه الحرية؟

TT

في عشاء الدكتور فؤاد الفارسي لوزير الاعلام العماني الاستاذ عبد العزيز الرواس دارت احاديث حول الاعلام والحريات و... الغاء وزارات الاعلام. وتناول النقاش بعض القضايا المثارة في الصحف السعودية هذه الايام وحدود الحرية وهل يجب ان تكون لها حدود في اي حال. واتفق الوزيران على ان الحرية تنمي المجتمعات وتساير تطورها، شرط ألا تمس الثوابت الدينية والاجتماعية والوطنية، وان النقاش الايجابي مفيد للجميع. وقلت بدوري ان الحرية مسألة نسبية برغم كونها حقا مولودا لا مكتسبا. فعندما يتحدث الفرنسي عن حريته يعني بذلك امورا قد لا تعني الخليجي، او قد يعتبرها اي عربي مساسا او عيبا. ولذلك يجب ان تشبه الحرية مجتمعاتها اولا.

وكذلك الصحف. ان كل صحيفة تعكس في نهاية المطاف صورة قارئها. وقد عجبت من بعض ارقام التوزيع لدى بعض المجلات «الخفيفة» في الخليج. لكن هذه الارقام تتشابه في بريطانيا او فرنسا او اميركا. فالاكثر جدية او عمقا ليس بالضرورة الاكثر رواجا ولا يفترض به ان يكون كذلك. ومع هذا فان ارقام توزيع «الشرق الأوسط» في السعودية والمنطقة تبدو مذهلة حقا. ولم استق تلك الارقام من الدار بل من معلومات الصحف الاخرى وارقامها عن حقائق الانتشار. وثمة مطبوعات عربية لم يعد لها وجود يذكر بعدما كانت في مرحلة ما تتصدر صحافة العالم العربي. ويطرح ذلك تساؤلا حقيقيا حول مستقبل الصحافة التي عمدت الى اهمال نفسها قبل ان يهملها احد، وقررت ان تخرج من حلبة التنافس والتطور والنمو لكي تكتفي باقتصاد المعونات والرصيد الماضي. وهذا لا يدوم ولا يبقى. والمطبوعات التي لم تتمكن من تجديد نفسها تقف الآن على شفير الغياب، فيما تتنافس المجلات الجدية على قارئ جديد وصعب ومتطلب ومتنوع، يرى امامه كل يوم، صحيفة تتضمن مجلة كاملة وفضائيات تشغل قضاياه او سلواه وحواسب تقدم له العالم كله على شاشة صغيرة ملونة ترسل الموسيقى والشعر والانسوكليدبيا بريتانيكا.

هناك مطبوعات جدية مستحقة يقهرها الايقاع الجديد للحياة وتحاول اللحاق به، وهناك مطبوعات تقهر نفسها ولا تتنبه الى ان قارئها لم يعد يجد فيها اي شيء وانه تغير كثيرا وان الدنيا نفسها قد تغيرت ولم يعد في الامكان ان ترضي جمهورها باصدار مطبوعة اشبه بروزنامة ليس فيها من السنين سوى اسماء الايام وجدول الحساب.