نجوم اليوم

TT

بالأمس كان النجوم مطربين ورياضيين واليوم تعرفونهم من خلال كل وسائل الاعلام حيث طغى حضورهم حتى لم يعد هناك ما يكفي لغيرهم، منهم الحديث وبعضهم العتيق، وهناك من نسيه الناس وان ظل في ذاكرة التاريخ، حسين الحوثي والمقرن والعوفي والزرقاوي وابوغيث والموساوي وخالد شيخ والظواهري وبن لادن وعشرات الاسماء التي لا يمكن ان تطالع جريدة في العالم هذه الايام الا وترى واحدا منهم فيها.

والارهاب، مثل الفن والرياضة، يحتاج اصحابه الى تأسيس قاعدة شعبية، كما يحتاج الى صناعة نجوم، مع تعويد الناس على اسمائهم وصورهم واصواتهم حتى يصبحوا جزءا من الحياة الاخبارية اليومية، يظهرون للناس في احلامهم او كوابيسهم. والنجومية لا تعني بالضرورة الصورة الايجابية، بل كما نرى فمهنتهم تقوم على فن القتل ولعبة التدمير. النجومية تعني الانتشار والوصول الى كل اذن، في أصغر قرية، في ابعد دولة في العالم بفضل الدعاية والاعلام.

ومع ان الفاعلين في شركة القاعدة لم يتخرجوا من معاهد متخصصة في العلاقات العامة الا انهم اكتشفوا، بحكم التجربة، اهمية صناعة الاسم وترويج السمعة، وكيف انها أهم وسيلة للوصول الى ما يريدونه باقل قدر من الجهد. صوت واحد مألوف قادر على اجتذاب العناوين والكاميرات وانتباه الحكومات والمؤسسات المختلفة في العالم. ولهذا السبب يمكن ان نفهم لماذا اختارت القاعدة جنسيات مختلفة كلفتهم بمهام كبيرة او اظهرتهم قياديين في اشرطتها التلفزيونية، لانها تعتقد، وهي محقة، انه يحقق لها اختراقا سريعا للعقل والذاكرة ويوصل رسالتها مباشرة. نجوم القاعدة من خليجيين ومصريين وجزائريين ومغاربة ويمنيين وباكستانيين واندونيسيين واوروبيين واميركيين، جعلها افضل دليل على فعالية العولمة الذي كنا نتجادل في قدرته على النجاح مع تشابك المصالح واختلاف الذهنيات.

التكامل الذي حققه التنظيم، ليس في سلسلة الجنسيات والأعراق وحسب بل في المهن ايضا، نتيجة طبيعية للشهرة والدعاية التي اغرت كثيرين بالالتحاق بالقاعدة فكانوا خير معين لها على تنفيذ كل ما تريده. فالباكستانيون الذين قبض عليهم كانوا متخصصين في تزوير الجوازات والتأشيرات، والمكسيكي الاميركي الاخير تكفل بمشروع القنبلة القذرة التي تصنع من نفايات المواد الطبية المشعة. ومحمد عطا، المهندس المصري الذي قاد عمليات الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة، هو الذي اتصل بالقاعدة وعرض خدمته الفنية وتكفل بترتيب العملية فيما قام بن لادن بتزويده بالرجال وقام ممولون بتزويده بالمال. وهذا يعتقد انه حدث ايضا في عملية بالي في اندونيسيا التي نفذت بناء على تجميع قدرات المتطوعين، ويذكر كذلك انه تكرر في مواقع متباعدة كان خالد شيخ، تحديدا، طرفا في ترتيبها. لهذا فالقاعدة لا تستطيع ان تعيش بدون تنفيذ عمليات مهما كان ضعف قيمتها العسكرية لمشروعها السياسي، لانها تعتقد ان كل عملية لها جانب دعائي يضمن لها الحضور في ذهنية العدو والصديق.

[email protected]