الأثر السلبي الآخر للتسخين الحراري

TT

أخيرا، ظهرت دراسة جديدة تلقي أبعادا أخرى على ظاهرة التسخين الحراري للارض التي قد تترتب عليها ذيول خطيرة تضاف الى السلسلة الطويلة من الاضرار الفادحة التي سجلت حتى الان.

تقول الدراسة إن إرتفاع معدل درجات الحرارة درجة مئوية واحدة لفترة قصيرة فقط من شأنه أن يخفض محصول الارز في ذلك المكان بنسبة 10 في المائة.

إن مثل هذه النتيجة المؤسفة, كما يوضح المشرفون على الدراسة, وقعت كالصاعقة على الزراعيين والاقتصاديين في العالم, خاصة أن الارز يشكل واحدا من الغلال الرئيسية القليلة في العالم التي تشكل الغذاء الاساسي للبشر, وهي القمح والشعير والذرة والبطاطس.

ويبدو ان ارتفاع الحرارة في الليل بشكل خاص هو الملام, استنادا الى المعهد القومي الاميركي للعلوم الذي اجرى هذه البحوث في مزارع الابحاث الخاصة بالارز في الفلبين. والمعلوم أن إرتفاع درجات الحرارة هي نتيجة النشاط الانساني الصناعي الذي أدى الى تراكم الغازات في الجو الارضي وحبس درجة حرارة أشعة الشمس داخلها.

ويبدو أيضا أن مثل هذا الارتفاع الضئيل لدرجة الحرارة والاثر الكبير الذي يخلفه ليس وقفا على الارز فقط, بل يطاول ايضا الذرة, وربما منتجات الحبوب الاخرى مثل حبوب الصويا حسب دراسة أميركية أخرى استغرقت 17 سنة.

المهم في الدراسة ايضا, حسب الباحث كينيث غاسمان من جامعة نبراسكا الاميركية, انها قد تكون مؤشرا للعديد من المحاصيل الاخرى الغذائية وغير الغذائية التي قد تتاثر هي الاخرى بارتفاع درجات الحرارة.

وكانت دراسات سابقة قد ذكرت أن وجود كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكاربون في الجو قد يعوض ما تفعله درجات الحرارة العالية, بيد أن الدراسة الميدانية هذه في الفلبين بينت بالدليل القاطع بطلان هذه النظرية والتأثير السلبي للحرارة العالية الذي يفوق أي تاثير آخر.

من هنا يمكننا أن نلاحظ الان الاسباب الكامنة وراء تراجع محاصيل الارز في السنوات الاخيرة في المناطق المنتجة له في اسيا بعدما شكل الجفاف ايضا الظاهرة الجديدة في العقود الاخيرة عندما لعب دورا أساسيا في تقليص المساحات المزروعة به, رغم أنه يشكل الغذاء الرئيسي لسكان تلك المناطق المالحة, فضلا عن أنه يعتبر في العديد من دول العالم غذاء الطبقات الفقيرة.

المؤسف أن مثل هذه الظاهرة أخذت تترافق اليوم مع زيادة التصحر وتقلص المناطق الصالحة, لا في المناطق المزروعة فحسب, بل في المناطق الخضراء والرطبة أيضا التي توقف سقوط المطر عليها فجفت أنهارها وينابيعها وبحيراتها.

ولا بد هنا أيضا من ذكر مشكلة التفجر السكاني في العالم الذي أخذ تعداد سكانه يزيد بمعدلات خيالية ليكستح الاخضر واليابس في العقود المقبلة. وما لم يبادر العالم الى القيام بعمل ما لانقاذ ما يمكن إنقاذه, فإن البشرية مقبلة على كارثة كبرى لا نبالغ إن قلنا أنها لن يكون لها مثيل في التاريخ القريب.