المؤامرة! المؤامرة!

TT

بدأت شهرة الرفيق يفغيني بريماكوف يوم كان في الستينات مراسل «البرافدا» في العالم العربي. وبهذه الصفة المقنعة قام بريماكوف بجولات في العواصم العربية وتعرَّف على الزعماء واقام معهم الصداقات. وكان اشهرهم واهمهم جمال عبد الناصر. كما كان احدهم في السنوات الاخيرة صدام حسين. عندما جاء ميخائيل غورباتشوف في حقبة الزوال السوفياتي جعل بريماكوف وزيرا للخارجية ومديرا عاما للاستخبارات الخارجية ثم جعله بوريس يلتسن رئيسا للوزراء. وعندما قام العراق بغزو الكويت، اعتقادا من صدام حسين ان الروس سوف يدعمونه، كان بريماكوف اشهر الوسطاء والجوالين ما بين موسكو وبغداد وعواصم العالم. وقد وضع كتابا جيدا حول المرحلة. وبعدها بفترة اتهمته مجلة «نيويوركر» استنادا الى وثيقة مزعومة لدى المخابرات البريطانية بأنه تقاضى من العراق 800 الف دولار اودعت في جنيف، حيث كان برزان التكريتي يدير الثروة الخارجية.

اعدت هذه المقدمة المعروفة لدى معظم المتابعين، لكي اقول ان الرجل الذي كان كبير خبراء الروس في العرب وبعض الزعماء العرب وصديقا لصدام حسين، ادلى بحديث مذهل الى صحيفة «غازيتا» اليومية. وبالنسبة اليه «كان هناك اتفاق مسبق بين الاميركيين وصدام حسين» وان الرئيس العراقي السابق لم يعتقل في 13 ديسمبر بل قبل ذلك. ماذا يدفعه الى هذه القناعة؟

غياب اي قتال من قبل القوات العراقية واستسلامها السريع: «لماذا لم تدمر الجسور على دجلة عندما اقتربت القوات الاميركية من بغداد؟ لماذا لم تكن هناك طائرات ودبابات عراقية، واين هي الآن؟ لماذا حدث وقف نار فوري؟ لماذا لم تكن هناك مقاومة في المرحلة الاولى التي استمرت 3 اسابيع لم يخسر الاميركيون خلالها سوى مائة رجل؟».

يشكك بريماكوف، الذي ارسله فلاديمير بوتين في مهام سرية الى بغداد قبل الحرب الاخيرة بقليل، في صحة الصور التي وزعت عن اعتقال صدام: «تظهر الصورة عسكريين اميركيين مسلحين قرب ثقب الكوخ، وفي الخلف شجر نخيل. في حين ان الثمر لا يكون ناضجا في مثل هذا الوقت من السنة». ثم هناك امر آخر. اذ من المستحيل ان تكون لحية صدام قد طالت الى هذا الحدّ خلال سبعة اشهر فقط: «لقد استسلم صدام بالتأكيد قبل ذلك وقصة الكوخ اخترعت في ما بعد». ثم لماذا تغير وضع صدام من اسير حرب الى سجين يحاكم امام محاكم عراقية؟

هل هذه مجرد تخيلات لصحافي مطلع سابق، يرأس الآن غرفة التجارة والصناعة في موسكو؟ ما هو المنصب الذي لم يحتله الرفيق بريماكوف؟ فقط المنصب الاعلى. وكان من المتوقع ان يخلف يلتسن قبل بوتين. لكن يبدو ان روسيا كانت في حاجة الى ضابط مخابرات اكثر شبابا.