عن أي محامين نتحدث؟

TT

نرى تدافع المحامين بالمناكب معلنين عن تمثيلهم، او استعدادهم، للدفاع عن صدام حسين وبقية رفاقه الذين يتم الإعداد لمحاكمتهم بعد ان وجهت اليهم التهم رسميا. ولأننا نتطلع الى إلغاء محاكم البطش والعسكر الانقلابيين، ونحث على تعميم صور العدالة للجميع، فاننا نحيي كل محام يمد يد العون القانوني للمتهمين لأنهم بذلك يؤسسون للعدالة النزيهة. فموقفهم المساند للمتهمين هو في واقع الأمر يعزز وضع النظام العراقي الجديد ولا يطعن فيه كما يقول البعض.

نعم، هناك محامون باشروا الترافع إعلاميا عن القضية قبل اعتمادهم من قبل المحكمة، وحولوها الى سيرك تهريجي، وبعضهم سخرها لخدمة صراعات سياسية، وعلق عليها قضاياه.

واذا كان هذا الجمهور من المحامين يرى في صدام صيدا ثمينا للدعاية الشخصية أو ممرا سهلا للترويج السياسي، فإن عليهم ان يتذكروا ان العراقيين، وان كانوا منشغلين بمسائل الأمن، سيصعب عليهم ان يتقبلوا هذه الفرقة الموسيقية التي تدافع عن مجرمي الابادة، فحجم الثارات أكبر من ان يظن هؤلاء ان العراقيين سينسون ويتسامحون. وهنا فارق كبير بين تمكين المتهمين، حتى وان كانوا حثالة مثل صدام ورفاقه، من حقهم في الاستعانة بمحامين للدفاع عن انفسهم، وبين شن حملة تشكيك في الدولة والقضاء والقاضي والجمهور أيضا. فاذا كان هذا رأي الاخوة المحامين المتحمسين للدفاع عن أشهر القتلة في تاريخ العالم العربي، فلماذا إذاً يسعون لتمثيلهم امام قانون يطعنون فيه اصلا وفرعا؟ فعلى المحامين الذين لا يعترفون بشرعية النظام ولا سلامة القانون ان يعلنوا موقفهم ويرفضوا الترافع في بغداد حتى ينسجم موقفهم مع قولهم.

وبكل اسف ذاعت شهرة فئة من المحامين في منطقتنا وباتت تعكس صورة مخالفة لما نتوقعه من حماة القانون ومدافعي حقوق الناس، فهؤلاء لم نعرف بينهم من سعى ايام ارتكاب المجازر الشهيرة ان رفع صوته مشيرا الى حق المظلومين، وابدى استعداده للدفاع عنهم. لسنين طويلة ابيد خلق كثير وصارت احداثهم معروفة ولم يحرك هؤلاء ساكنا. اليوم يتسابقون للدفاع عن رئيس سابق متهم بجرائم كبيرة في ظل نظام جديد متسامح، لا يرسل فرق اغتيالات ولا يحتجز العوائل كرهائن ولا يقتل اهالي بلدة بجريرة مذنب من اهلها.

هذه الفئة مشغولة، كبقية زعماء اهل المهن العربية الأخرى، بالتصدي للقضايا السياسية متناسية واجباتها الوظيفية الاساسية تجاه المجتمع. اما بالنسبة لفئة الآخرين التي تعتقد انها ستمثل صدام ورفاقه من قبيل الواجب المهني، فانها تستحق التقدير منا رغم ما نشعر به حيال المتهمين المجرمين. فهم لا يساعدون صدام على الإفلات بل يساعدون النظام العراقي وشعب العراق على تأسيس عدالة حقيقية يجد فيها الجميع حظا متساويا في الحقوق القانونية.

[email protected]