عودة النمر!

TT

الانسان هو الكائن الوحيد الذي يرتكب الشر لذات الشر.. والذي يؤذي اخاه الانسان بلا سبب او لأتفه سبب.. فالحيوان لا يرتكب الشر لمجرد الشر.. ولا يؤذي زميله الحيوان الا لسبب.. بل انه لا يؤذي الانسان الا اذا هدد حياته.

وقد اكتشف نمر هرب من حديقة الحيوان في كراتشي ان السجن احب اليه من الانسان.. وان قفصه الضيق في حديقة الحيوان افضل له من شوارع المدينة المزدحمة.

فقد استطاع النمر مغافلة حارسه وخرج من قفصه وقفز الى الشارع وسرعان ما دقت اجراس الخطر في المنطقة.. وانطلقت السيارات والحراس المسلحون للبحث عن النمر الهارب.. وقطع التلفزيون والراديو ارسالهما لتحذير الناس من النمر الهارب.. ومضى اليوم دون ان يعثروا على النمر.. وهبط الظلام وارتفعت صيحات التحذير وقرب منتصف الليل حدث ما لم يكن متوقعا، فقد ظهر النمر عند قفصه.. فقد تسلل تحت جنح الظلام بعيدا عن العيون واستطاع ان يصل الى القفص حيث كان الحارس يقف وما كاد الحارس يرى النمر حتى سقط مغشيا عليه.. فقد كانت اول مرة يواجه فيها النمر وجها لوجه.. ولكن النمر لم يتوقف ولم يحاول ايذاء الحارس.. بل تسلل في هدوء ودخل القفص.

لقد ضاق النمر بزحام المدينة.. وبأصوات الناس والسيارات ولم يجد من يحنو عليه او يقدم له الطعام.. وأدرك ان السجن الذي يعيش فيه وحيدا أفضل من الحرية وسط البشر وفي الزحام.

وانطلقت التحليلات لتوضيح سلوك النمر.. والمسألة لا تحتاج الى تحليل.. فالناس والزحام اسوأ من اي شيء آخر في رأي النمر على الاقل.

والشاعر العربي يقول:

عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى

وصيح إنسان فكدت أطير..

معه حق شاعرنا القديم.