وضع جديد..

TT

مع اقتراب دخول السعودية الى منظمة التجارة العالمية (وهذا متوقع حدوثه بحسب التصريحات الرسمية) يبدو أن المناخ والمعطيات الاقتصادية التقليدية في السعودية مقبلة على تغيرات غير عادية. فمع بدء السماح للشركات الاجنيبة للعمل بشكل مباشر في السوق السعودي (في المصارف، التأمين، الاتصالات والمقاولات)، من الواضح أن مستوى الانتاجية ونوعية الخدمات مرجح أن تلقى نقلة نوعية كبرى في مجالات متعددة، وطبعا بالتالي سيكون العديد من الشركات الوطنية هدفا للشركات العالمية لكي تستحوذ عليها من ضمن خططها التوسعية.

وهذا الأمر يجب أن يكون متوقعا ضمن السياق الطبيعي لنتائح اقتصادات السوق، مع العلم أن هناك تحفظات كبيرة ضد ذلك من رجال اعمال وأكاديميين تجاه السماح ببيع الشركات الوطنية للغير وما يمثله ذلك من نزيف للمال الوطني وتقليص لرقعة الاقتصاد الوطني أيضا.

ولكن هذا الواقع يبدو أنه آت، ولا مجال لنكرانه والتعامل بعيدا عن نتائجه المتوقعة، ولعل أهم القطاعات المرشحة للاندماج مع شركات أجنبية هي قطاعات المصارف والشركات الصناعية الغذائية والخدمات وشركات صناعة الاسمنت، وهذه القطاعات مرشحة أو مستهدفة أن تكون ضمن خطط التوسع للكثير من الشركات العالمية العملاقة.

وثقافة الاندماج لم تتم تزكيتها وتشجيعها بالشكل المطلوب. فلو تم تفعيل ذلك لرأينا الكيانات العملاقة تتشكل كقوى اقتصادية فعالة. وهناك قطاعات غير قليلة مرشحة للاستفادة من الاندماجات المتوقعة في وجه الهجمة العالمية المتوقعة. فشركات الاسمنت والشركات الزراعية والمصارف جميعها مرشحة للاندماج ما بينها فيما يخص كل قطاع على حدة.

ولسنوات طويلة وقفت إدارات وزارة التجارة ومؤسسة النقد بتحفظ باتجاه التكتلات وتوجهات الدمج والاستحواذ في السوق السعودي ولم تبارك وتساند وتدعم هذا الاتجاه بالقدر الكافي مع أن الاسباب الفريده لهذا الاتجاه هي كثيرة ومهمة ومقنعة للغاية.

السوق السعودية هي أكبر أسواق منطقة الشرق الأوسط، وغياب الاندماجات والتكتلات الاقتصادية المستحدثة يدعو للاستغراب الشديد ويثير علامات الاستفهام عن من هو المستفيد من إضعاف الفرص بهذا الشكل.

هناك تاريخ تحول اقتصادي غير عادي سيكتب بعد انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية. هذا التاريخ سيتطلب قواعد جديدة للعبة، قواعد أساسها الفرص المتساوية من دون دعم ومن دون حماية ومن دون مساعدة غير متكافئة. ولكن اليوم ومع الدخول للمرحلة «الجديدة» يبدو أن قطاعات عريضة من الشركات والادارات الرسمية لم تتيقن بعد أن «موجة» التغيير قد تغمر كل من لا يتحرك لتطوير نفسه وتهيئة نفسه للوضع الجديد.

هناك ظروف جديدة ومناخ جديد يتطلب ثقافة وجاهزية غير التي تعود عليها وتدلل عليها الاقتصاد السعودي لسنوات طويلة. ولكن التغيير مطلوب وعلى وجه السرعة لأننا بدون ذلك سنخسر الكثير.