هل يؤيد شارون إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية ؟

TT

عاد سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسية، أخيرا من رحلته إلى كوريا الديمقراطية. ومن حديثه مع كيم تشين ايل، زعيم كوريا الشمالية، توصل لافروف إلى استنتاج مفاده ان كوريا الشمالية على استعداد للتوقف عن برنامجها لصناعة الاسلحة النووية، شريطة الحصول على ضمانات اكيدة لأمنها، والحصول على الدعم الاقتصادي.

ويرى لافروف ان الجولة الرابعة من المباحثات السداسية (روسيا والولايات المتحدة والكوريتان والصين واليابان) والتي ستعقد في بكين في سبتمبر (أيلول) المقبل، سوف تسفر عن استعداد بيونغ يانغ والمشاركين الآخرين في المباحثات، للاعلان، في آن واحد، عن تجميد البرنامج النووي لكوريا الشمالية، وعن آليات الرقابة ودعم كوريا الشمالية في مجالات الطاقة.

وهكذا تظهر فرصة واقعية تجاه إقدام كوريا الشمالية على وقف برنامجها النووي وتصفية عناصره. وهذا ما يسعى المجتمع الدولي إليه بنجاح.

وفي نفس الوقت، يتطور التنسيق المتبادل بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وايران، التي وافقت أخيرا، على البروتوكول الاضافي الذي يسمح بتفتيش منشآتها النووية. وتجري الآن عملية التفتيش، فيما اكد البرادعي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ان الوكالة لم تستطع العثور على دليل واحد ذي طابع عسكري لبرنامج ايران النووي. فالوكالة ملزمة بالعمل على اساس قرائن دامغة، وليس على اساس شكوك او شائعات، كما قال البرادعي.

وعلى الرغم من وجود بعض الشوائب التي تعتري العلاقات بين ايران ووكالة الطاقة الذرية، فان التعاون يتطور فيما بينهما، كما حقق بعض النجاح. والدليل على ذلك، ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لم تحول الأمر إلى مجلس الأمن الدولي للنظر، حتى بعد اعلان ايران انها يمكن ان تستأنف نشاطها في تخصيب اليورانيوم. وكانت الوكالة قد تعرضت لضغوط كثيرة بهذا الشأن.

أما الأمر فيبدو مغايرا بالنسبة لإسرائيل، التي تملك في حوزتها، وبشهادة الخبراء الدوليين، ما لا يقل عن 240 رأسا نوويا. وكانت اسرائيل قد انتجت البلوتونيوم المسلح لهذه الرؤوس، في المفاعلين الاسرائيليين: ديمونة وسوريك. وبالمناسبة، ففي الزيارة التي قام بها البرادعي لإسرائيل أخيرا، لم يسمح له بدخول أي منهما، نظرا لان إسرائيل ليست من الموقعين على معاهدة حظر انتشار اسلحة الدمار الشامل، ولا تخضع للاشراف القانوني للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي الوقت نفسه، فان موردخاي فانونو، عالم الذرة الاسرائيلي الذي كشف للعالم أسرار اسرائيل النووية، وقضى من جراء ذلك 17 سنة في السجون الاسرائيلية يرى «ان مخاوفه بدأت تتزايد حين ادرك حجم الكميات التي تنتجها اسرائيل من الاسلحة النووية». وقد جرى يوم الخميس الماضي لقاء بين البرادعي ورئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون، وكان لهذا اللقاء دلالات بطبيعة الحال. فقد وافق شارون، من حيث المبدأ، على بدء المباحثات حول انشاء منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط، شرط ان تجرى هذه المباحثات ضمن اطر التسوية السلمية الشاملة في المنطقة.

وكان موقف اسرائيل قبل اللقاء بين شارون ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يتلخص في عدم اجراء اية مباحثات، بل واتصالات حول قضايا اسلحتها النووية، الى حين التوصل إلى سلام نهائي مع العرب. وهكذا كانوا يرفضون حتى العملية التفاوضية حول البحث عن سبل التسوية العربية - الاسرائيلية، على التوازي مع هدف تحويل كل المنطقة إلى منطقة خالية من الاسلحة النووية. وكان مثل هذا الطرح يفضي إلى «دائرة مغلقة».

فالتسوية السلمية للنزاع العربي - الاسرائيلي، كانت تزداد صعوبة وإلى حد كبير، كون اسرائيل تمتلك اسلحة نووية. فضلا عن ان ذلك، كان يدفع بعض الدوائر العربية إلى محاولة «تسوية الوضع». وقد اعاد البرادعي في حديثه مع الصحافيين إلى الاذهان ذلك قائلا: ان «عدم وجود التوازن الأمني» في الشرق الأوسط، يفضي إلى «انهيار مشروعية نظام الحظر». وأضاف قوله، ان الشعوب العربية تشعر بأن اسرائيل تلقى معاملة خاصة، ويعتبر السبب الرئيسي في ضرورة ان تبدأ إسرائيل العملية التفاوضية حول انشاء منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط.

فهل يمكن التوصل إلى استنتاجات حول تغيير السياسة الاسرائيلية النووية بعد لقاء البرادعي مع شارون؟

لقد قال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ختام لقائه مع رئيس الوزراء الاسرائيلي: «كحد أدنى، توصلنا إلى اقناع الحكومة الاسرائيلية بإعطاء وعد حول العمل المشترك مع الآخرين، بشأن مشروع الشرق الاوسط الخالي من الاسلحة النووية».

* رئيس وزراء روسيا الاسبق