ثروة مصرية مهدرة!!

TT

اسافر الى مصر كثيراً، وأدعي معرفة جيدة بالبلد من صعيدها الى واحاتها، ومن صحاريها الممتدة الى سواحلها الجميلة الممتدة، لذلك سعدت عندما قيل ان الوزارة المصرية الجديدة تأخر تشكيلها بسبب عدم الاتفاق على مرشح محدد لوزارة السياحة، وقلت انها ربما تكون بداية وعي مصري مفقود بأهمية السياحة المصرية.

مصر لديها افضل امكانيات سياحية واسوأ ادارة سياحة، ولا أحد يريد ان يعترف بأن مصر تضيع على نفسها صناعة عظيمة يمكن ان تشكل دخلاً عملاقاً للبلد يفوق دخل النفط وغيره، وعندما تناقش المسؤولين المصريين عن تردي اوضاع السياحة تبدأ حفلة التبريرات والبحث عن اعذار، وإلا كيف نفهم ان اسبانيا تستقبل اكثر من ستين مليون سائح بينما لا يتجاوز عدد سياح مصر عدد سياح تونس.

مصر لا يمكن ان تكون دولة سياحية بالطريقة التي يدار بها مطار القاهرة الدولي، فالمحسوبيات تبدأ في المطار، والسائح ليس لديه وقت يضيعه للمحسوبيات و«للحلاوة» والبهدلة، وتمتد المشكلة الى فنادق القاهرة، ولكن المأساة الكبرى تكمن في المواقع السياحية كالمتاحف والمواصلات السياحية ويكفي ان تشاهد الطريقة التي يدار بها اهم مرفق سياحي في العالم وهو الاهرامات لتحكم على بقية الحكاية.

ربما تكون شرم الشيخ استثناء، ولكن الامراض انتقلت ايضا الى هذه المدينة الجميلة، وفي مصر امكانيات هائلة لتكون هناك سياحة كبيرة ودخل قومي كبير، لكن هناك اصراراً على ان يدار قطاع السياحة بنفس البيروقراطية الحكومية، وان تتم عمليات تطفيش منظمة للسياح، وان يكون من بيدهم خدمة السياحة بلا تدريب، وبلا كفاءة عالية.

لانني اعشق البلد فاني اتردد على مصر واحبها بمرها وحلوها، ولكن هذه ليست حالة ملايين الناس الذين يأتون الى مصر ليروا حلاوتها فقط، ونكتشف ان كثيراً من السياح الاجانب يأتون الى القاهرة متحمسين في بداية زيارتهم وتراهم متبرمين في نهايتها بسبب ما يعانونه من مشاكل.

عند مصر ثروة مهدرة. وليت رئيس الوزراء الجديد يفتح هذا الملف ويعيد الاعتبار الى هذه الصناعة العظيمة التي اهملها اهلها كثيراً.