شعلة ومعنى...

TT

يستعد العالم بأسره بعد أكثر من شهر من الآن لاستقبال الالعاب الاولمبية الرياضية التي ستقام هذه السنة في العاصمة اليونانية أثينا. ومن ضمن الاحتفاليات التي ستقام استعدادا لافتتاح هذه المسابقة الكبرى هو أن تدور الشعلة الاولمبية في عدد من مدن العالم المختلفة في كافة قاراته. وتلقى هذه المناسبة الكثير من التفاعل والتواصل المهم والجيد بين دول العالم موجهة الكثير من الرسائل القوية عن التسامح والسلام ما بين الامم.

وأجد غرابة غير مفهومة عن أسباب غياب الشعلة الاولمبية عن الاراضي السعودية وعدم زيارتها لها. السعودية تحرص على التواصل رياضيا في كافة المحافل الاولمبية ولها حضورها الفعال في اداراتها ولجانها المختلفة، ولكن يبقى غياب زيارة الشعلة وزيارتها للسعودية غير مفهوم. لماذا دائما «نقبل» غيابنا أو تغييبنا عن أحداث تشارك فيها دول العالم كافة؟ لماذا نوجد لانفسنا الاعذار والتبريرات لعزل أنفسنا عن باقي العالم؟ هل من الغرابة أن نرى أحد عدائينا أو فنانينا أو أدبائنا يشارك في العدو بحمل الشعلة في شوارع العاصمة السعودية، حاملين للعالم رسالة تواصل ومحبة وسلام وتسامح، نشارك العالم في مناسبة كبرى ومهمة كهذه تجمع على تأثيرها أعداد هائلة من البشر.

من المسؤول عن غيابنا عن فعاليات كهذه؟ هل هو خوف أو قلق أو شك أو ريبة من المناسبة؟ أم رأي متشدد يحذر منها؟

في الحالتين الموضوع بحاجة جادة لاعادة نظر وازالة التناقض الحاد والازدواجية الشديدة التي نعاني منها. فكيف نعترف بالالعاب الاولمبية نفسها ونتحفظ على الاحتفال والمشاركة في هذه المسيرة؟ فرصة وراء الأخرى نفوتها على أنفسنا للانضمام كأعضاء كاملين مع البقية في أسرة المجتمع الدولي من دون البقاء خارج الاطار في أكثر من حالة وبدون تفسير منطقي وعقلاني مقبول.

موضوع المشاركة في حمل الشعلة الاولمبية في شوارع العاصمة السعودية لا يعدو سوى كونه رمزا لا أكثر، رمزا شاركت وتشارك فيه دول العالم من دون قيد أو حرج. لم يعد من المقبول على السعودية، وهي دولة بهذا الحجم والتأثير، أن تبقى بعيدة عن مثل هذه الاحداث والفعاليات لاسباب ودواع أوجدناها وأقنعنا أنفسنا بها.

هل يمكن تخيل المنظر الجمالي والحضاري لمجموعة من الشباب السعودي يشارك بحماس ووطنية في مناسبة هامة كهذه (أو غيرها)، هذا المنظر من شأنه ان يبعث بروح الأمل في نفوس الشباب عن مشاركتهم (ولو كانت بالرمزية) في مناسبات عالمية، ويرسل رسالة ايجابية ولا أقوى عن السعودية وشبابها. كل الأمل أن تتبنى اللجنة الوطنية الاولمبية مع الهيئة العليا للسياحة المناسبة المقبلة للشعلة الاولمبية أو غيرها من المناسبات العالمية ليكون للسعودية دور واضح وصريح وأساسي يليق ببلد كالسعودية، 60% من ابنائها يبحثون عن دور لهم في صناعة المستقبل ودور لهم في التواصل مع باقي العالم. وكل الأمل أن يتم ذلك بدون تعطيل أو تحفظ أو البحث عن الاعذار التي تؤجل ذلك.