دارفور: الفعل وليس القول هو الذي سيوقف إزهاق الأرواح

TT

يعرض النزاع الراهن في غرب السودان للخطر حياة أكثر من مليون شخص. فجماعات الجنجويد المسلحة الغازية تدمر القرى وتغتصب وتقتل، فيما تعطل تدفق المساعدات إلى المنطقة. إن هذا الوضع يجب أن يتغير بسرعة، قبل فقدان أولئك الذين يهدد الخطر حياتهم.

وفيما ينبغي علينا نحن في المجتمع الدولي تكثيف جهودنا من أجل المساعدة، فإن الحكومة السودانية تتحمل المسؤولية الكبرى في مواجهة تلك الكارثة، ومن أجل حماية حياة مواطنيها.

وقبل مغادرتي السودان قدمت للحكومة السودانية قائمة بالأفعال والإجراءات التي تحتاج لاتخاذها من أجل تغيير الوضع في دارفور. وخلال الأيام العديدة التي مضت منذ زيارتي لدارفور، أصدرت الحكومة السودانية عدة بيانات تتعلق بإخضاع جماعات الجنجويد المسلحة للسيطرة، والسماح للمساعدات الإنسانية بالتدفق بحرية أكثر، والقضاء على مشكلة حصول العاملين في مجال المساعدات على تأشيرات، ووقف الدعم للذين يتعمدون العنف ويصممون عليه في دارفور. نحن نراقب عن كثب ما ستتخذه الحكومة من إجراءات طلبناها. وبينما اتخذت الحكومة بعض الخطوات الإيجابية، فإن العنف مستمر ولم نر بعد تغيرا كبيرا في الوضع.

والى ذلك فقد وضعت الولايات المتحدة مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي تجري مناقشته حاليا مع أعضاء المجلس. هذا القرار يدعو حكومة السودان إلى الوفاء على الفور بالتعهدات التي قطعتها على نفسها بشأن القضاء على العنف والسماح بدخول العاملين في مجال المساعدات الدولية والمراقبين الدوليين. كما يدعو القرار الطرفين المتحاربين إلى التوصل إلى اتفاق سياسي بدون تأخير. ويعلن القرار أيضا عن التزام كل الدول بتوجيه عقوبات ضد الجنجويد ومن يساعدونهم أو يحرضونهم، بالإضافة إلى أطراف أخرى قد تكون مسؤولة عن هذا الوضع المأساوي.

وستواصل الولايات المتحدة العمل مع أصدقائنا الأفارقة ومع المجتمع الدولي للمساهمة في إنهاء النزاعات المشابهة ومن أجل تقديم العون والإغاثة للذين هم في أمس الحاجة إليها. إن الرئيس السوداني عمر حسن البشير كرر تعهداته بالعمل من أجل السلام، وهو ما فعله أيضا حينما التقينا. لكن الرئيس بوش والكونغرس الأميركي وأمين عام الأمم المتحدة كوفي عنان والمجتمع الدولي، جميعهم يريدون ما هو أكثر من مجرد الوعود ـ إننا نريد تحسنا كبيرا وملموسا على أرض الواقع حالا.

وقد كانت الولايات المتحدة في الطليعة بالنسبة لتقديم المساعدات الإنسانية الطارئة للشعب الذي يعاني في دارفور وسنبقى في الطليعة دائما. لقد قدمنا في العام الحالي وحده 139 مليون دولار، وهناك 161 مليونا أخرى تم تخصيصها بالفعل ستقدم في العام المقبل. لكن الأوان قد آن لكي يفي المجتمع الدولي بأسره بما تعهد به. وسوف نتعاون مع المجتمع الدولي أيضا لضمان وفاء الدول بما تعهدت بتقديمه من مساعدات مالية.

وستواصل الولايات المتحدة العمل مع أصدقائنا الأفارقة ومع المجتمع الدولي من أجل إنهاء النزاعات الأخرى المشابهة لذلك النزاع، ولتقديم الإغاثة لمن هم في أشد الحاجة إليها. إن النزاع والفوضى مثلما نراه يحدث في السودان يسلبان من الأفارقة المستقبل الذي يريدونه، والمستقبل الذي يستحقونه. إن هدف تحقيق السلام في أفريقيا ليس هدفا مستحيلا. بل إنه هدف ممكن التحقيق إذا سعينا من أجله.

ومن خلال البرامج المستمرة والمبادرات الجريئة الجديدة، يعمل الرئيس بوش وحكومته في شراكة مع الأفارقة لمساعدتهم على الاتجاه نحو مزيد من الديمقراطية، ومزيد من الفرص المتاحة، ومزيد من الأمن، ومزيد من الأمل في مستقبل مسالم لأبنائهم.

ولن نهدأ. إنما سنواصل ممارسة الضغط. ذلك أنه بالأفعال فحسب، وليس بالأقوال، يمكن كسب السباق ضد الموت في دارفور.

*وزير الخارجية الأميركي