شهر عسل علاوي.. شهر اختبار لبوش

TT

لم يتمكن سياسيو العراق الجدد من إيقاف العنف وعدم الاستقرار في بلدهم، ولكن الأسابيع التي انقضت منذ تسلمهم السيادة الجزئية ربما تجعل إدارة بوش تحس بتقليص امكانية تعرضها الى أضرار سياسية داخل العراق ، فيما تصبح امكانية ذلك التقليص هدف البيت الأبيض الأكثر إلحاحا حاليا. فما حدث في حفل التسليم يوم 28 يونيو (حزيران) الماضي في بغداد هو نقل للسيادة الى حد كبير وللمسؤولية السياسية من الرئيس بوش الى رئيس الوزراء علاوي الذي احتفظ في الجزء الخاص به من الرهان مع واشنطن عبر الظهور المتكرر أمام كاميرات التلفزيون الأميركية في مهمتين: تقديم الشكر لبوش على تحريره العراق وتولي المسؤولية في الرد على الهجمات التي تشن على القوات الأميركية والعراقيين. وشعرت واشنطن بالارتياح في الفترة الأخيرة من تعهدات علاوي المتلفزة حول التصدي والقيام بفعل ضد موجة العنف.

ويستفيد علاوي، وبالتالي بوش، أيضا من نتائج شهر العسل الممنوحة لادارة بغداد الجديدة ومن الارتباك الحقيقي بشأن من يدير حقا ما يعتبره العراق سيادة جزئية. وتجري الاخفاقات الواضحة للاحتلال الذي قاده بول بريمر، في الوقت الحالي، خلف سحابة دخان غائمة.

ويعترف مسؤولو الإدارة سرا ان أجراس الانذار راحت تقرع في الربيع الحالي بشأن الهبوط الحاد المفاجئ في الدعم الشعبي للحرب في العراق. وقال أحد المسؤولين: اذا ما خسرنا الكتلة الحاسمة من دعم الجمهور الأميركي نكون قد خسرنا كل ما نحاول القيام به في العراق، واننا في المقابل أقمنا أرضية مع زعيم عراقي يشكر أميركا علنا على الماضي ويتولى المسؤولية السياسية عن المستقبل ولديه استراتيجية، متفاديا الفكرة الواضحة من أن بوش يمكن أن يخسر فرصة اعادة انتخابه أيضا.

إن الحيوية السياسية ـ اذا ما استخدمنا تعبير بيل كلينتون ـ أولوية لكل سياسي. فانتقادات جون كيري لسياسة بوش بشأن العراق تقف وراءها دوافع انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) كما هو حال مواقف بوش الدفاعية.

ولكن التحول إلى سياسة تعتمد على البلاغات أكثر من اعتمادها على التغيير على الأرض في العراق يشكل مخاطر وتحديات أكبر بالنسبة للمرشح صاحب المنصب.

وسيستفيد العراق والعالم اذا ما تمكن علاوي من تحقيق وعوده لإقامة الاستقرار والديمقراطية. ويتعين علينا ان نتمنى له كل خير. ولكن هناك هوة خطرة بين التصريحات المتفائلة في واشنطن تجاه علاوي وبين التقارير المقلقة من الميدان.

ففي التاسع من الشهر الحالي نقل جيم كرين من وكالة أسوشييتدبرس عن مسؤولين عسكريين أميركيين لم يشر الى اسمائهم قولهم ان التمرد في العراق يقوده سنة مسلحون بصورة جيدة وغاضبون بسبب فقدانهم السلطة، وليس مقاتلون اجانب مضيفا ان العدد يصل الى عشرين ألفا وليس الى خمسة آلاف كما اشار متحدثون أميركيون.

والمسألة ليست 5 آلاف مقابل 20 ألفا لأن حجم التمرد الدقيق غير معروف. أضف الى أن المسألة تكمن في أن الضباط في الميدان يشعرون الآن بأن ما يرون حدوثه لقواتهم في العراق لا يتوافق مع رأي واشنطن بأنه يجب عليهم الاعتماد على الصحافة للحصول على رسالة واقعية. وتلك هي عادة الطريقة التي تبدأ بها الهزيمة بالنسبة للقوات المرسلة لمكافحة أعمال تمرد في مناطق بعيدة.

* خدمة مجموعة كتاب «الواشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط».