مع معاملة أرحم للعمال

TT

ما قالته منظمة حقوقية ضد سوء معاملة العمال في السعودية يستحق التأمل والتقدير، بغض النظر عن اقتصار بعض الوسائل الإعلامية على ذكر السعودية من دون غيرها مع ان الحال متشابهة في المشكلة بين دول المنطقة. لا يهم، فالحقيقة ما قالته المنظمة ان الأمر معيب ومرفوض ولا يجوز السكوت عليه خاصة من الشرائح التي لها رأي في كل قضية. ونحن نعلم ان تجارة الخدم والعمال بلغت مرحلة تكاد تماثل العبودية حيث تشترك في آثامها مؤسسات النخاسة في بلدانها التي تقوم بتحصيل اموال طائلة من طلاب العمل الفقراء من اجل ارسالهم الى المنطقة، وهنا تستقبلهم شركات نخاسة مماثلة تقوم بتحصيل مبالغ منهم من كل ما يحصلون عليه ولا يبقى لهؤلاء الفقراء ما يسد رمقهم، في حين انهم جاءوا حالمين بجنة الله باحثين عن رزق لعوائلهم. والقصص مروعة ومخجلة، حيث تحول من جاءوا عمالا الى شحاذين في الشوارع بلا عمل او مصدر رزق، ومن كان منهم محظوظا يحصل على مائة دولار في الشهر، ولا أدري كيف لهم ان يعيشوا بها.

وهنا على المؤسسات الحكومية السعودية ان تضع حدا لهذه الظاهرة غير الانسانية التي صارت سبة في جبين البلد بسبب فعل قلة من الذين لا يملكون رحمة في قلوبهم، يتاجرون بتأشيرات العمالة من دون من يقوم بردعهم. ولا نرى من حلٍ سوى اغلاق دكاكين التأشيرات التي صارت بعضها معابر لاستيراد العبيد وجسراً لتخريب البلاد من الداخل، ولا بديل لها سوى تأسيس شركة مسؤولة يفرض عليها ان تكشف اوراقها للمفتشين المحليين والدوليين وتصبح مسؤولة امام الناس عن كل ما يحدث من مخالفات لا انسانية، وتكون قادرة على حماية الخدم من اضطهاد مخدوميهم، الذين لا يؤمنون بمنحهم إجازات ولا مرتبات في موعدها ولا حماية لكراماتهم، كما انها تصبح مسؤولة عن طبيعة وكفاءة العمال الذين تجلبهم فلا يضيفون الى مشاكل البلاد ما هي في غنى عنه.

وما أذاعته المنظمة الحقوقية الناقدة لوضع العمالة في السعودية تستحق ان نشكرها عليه لا ان ننتقدها كما فعل البعض متعجلين الدفاع عن كل ما هو مسيء لسمعة بلدهم. فان كان ما يقال صحيحا، ونحن نعرف ان وضع العمالة خاطئ ويجب تصويبه، يصبح واجبنا ان نتقبله ونبحث في كيفية الحلول لا ان ندافع عن كل نقد من وراء الحدود.

[email protected]