سوق...

TT

واخيرا تم تأسيس هيئة السوق المالية لتنظيم أعمال البورصة السعودية والشركات المساهمة فيها، بعد طول انتظار وتأخير. وفي أول تصريح لرئيس مجلس ادارة الهيئة قال: «سيعمل على تنظيم السوق وتطوير أساليب الاجهزة والجهات العاملة في التداول بالاوراق المالية، اضافة الى تطوير الاجراءات الكفيلة بالحد من المخاطر في التداول، وان من بين الاجراءات هذه هو توعية المستثمرين».

والواقع ان هذا تصريح مطمئن وجيد، بفرضية أن ينفذ إن شاء الله. لأن السوق السعودي يحمل الكثير من علامات الاستفهام والتعجب في بعض تداولاته التي تكتسب طابع الغموض أحيانا والريبة والشك أحيانا أخرى. والسوق المالية السعودية بحاجة الى نقلة نوعية جادة تنقل بها نحو الجدية الشفافية والمسؤولية والمحاسبة والكثير من التطوير التشريعي والاداري والتقني للحاق بأسواق أصغر على المستوى الاقليمي ولكنها أكثر تطورا، ناهيك من الاسواق الدولية الكبرى الرئيسية.

من غير المقبول ولا المنطقي أن يكون لدى أكبر اقتصاد في الشرق الاوسط (السعودية) سوق مال متواضع بهذا الشكل. النظام الإلكتروني الذي يتحكم في صفقات التداول من بيع وشراء يعد بحق متخلفا نظرا لعدم امكانية تحقيق وانجاز العملية في ذات الوقت المطلوب، متيحا بذلك الثغرات لأي سوء نية أو أغراض غير سوية أن تعبث وتحدث الضرر.

منذ فترة قامت إحدى الشركات المساهمة بعقد جمعيتها العمومية التي اتخذت فيها بعض القرارات «العجيبة» والتي اثارت تحفظات المراقبين، حتى صغار المستثمرين فيها أبدوا اعتراضهم وقاموا بنشر اعلان احتجاجي ضد تلك القرارات، ومع ذلك بقيت وزارة التجارة ومؤسسة النقد العربي السعودي في حالة صمت مريب وعجيب، ولم يتم اتخاذ أي اجراء تحقيقي اداري أو عقوبة بحق المتسبب في المشكلة. وقائع كهذه (وغيرها الذي لا ينال حجمه من التغطية الاعلامية) هي التي تجعل غمامة من القلق تحوم فوق سوق المال السوق السعودي ولن تزول سوى بمعاملة جادة وسوية على الكل، معاملة تمنع بقوة تضارب المصالح الذي انتشر وبشدة، وباتت المكاتب الاستشارية المالية والمصارف والشركات المساهمة تحيك وتخطط ما وراء الكواليس من دون أي محاسبة ولا درء للمخاطر.

السوق السعودية سوق حرة ولكنها لا تزال مغلقة. ومع الاجراءات المقبلة، سواء أكانت اصلاحية أو تطويرية بناء على شروط منظمة التجارة العالمية، سيكون من المحتم أن ينفتح على العالم ويسمح للأجانب بالتداول المباشر، ولكن للقيام بذلك عليه اجراء سلسلة من التشريعات التطويرية المهمة وبسرعة جدا. والغرض الاساسي من هذه الاجراءات يجب أن يكون لطمأنة المستثمر المحلي كهدف أولي حتى يستطيع بذلك الانتقال لطمأنة المستثمر الدولي. المطلوب من هيئة سوق المال هو اصلاح هيكلي، ورقابة جادة، وتشريع سوي.. بدون ذلك لن يكون السوق سوى قاعة قمار أو صالة حراج.