رأس في ثلاجة

TT

لا أدري كيف يمكن أن تصف شخصا، مهما بلغ به الشطط، ان يقطع رأس رجل ويضعه في ثلاجة البيت، مع الحليب والخضروات، ويستضيف في نفس البيت رفاقه المسلحين مع زوجته وأطفاله. لا يمكن الا ان يكون انسانا مريضا في عقله وليس كما يظن انه فعلها من قبيل التمويه. هذه صفة صالح العوفي، زعيم الجماعة الملاحقة في السعودية، الذي خسر معركة هامة بعد ان دهمت الدار الذي خبأ فيها عائلته ورفاقه واسلحته.

موجودات الدار تفضح عقل صاحبها العوفي، وهو الملاحق رقم واحد. شاء ورفاقه ان يسكنوا معا في وقت ملأت صوره وصورهم العاصمة الرياض حيث جدت قوات الأمن تفتش عنهم في كل مكان، ولم يطل الوقت للعثور على اهله وكنزه العسكري وربع مليون ريال ورأس الرهينة المقطوع في ثلاجة الدار. لا يمكن ان يكون قد جمع كل هذه العناصر المتناقضة والفاضحة تحت سقف واحد عن غباء بل هي طبيعة عقل مريض يعكس تفكير الجماعة. فهي من جانب متمكنة من ادواتها التدميرية، كما أظهرت أيضا محتويات دار الغرائب من اجهزة كومبيوتر مع كاميرات تصوير تستخدم لاغراض دعائية، الى جانب ترسانة صغيرة من الأسلحة المتقدمة تضمنت صاروخ «سام 7» ومن جانب آخر عبرت عن لا مبالاة الجماعة من افتضاح أمرها.

ووجود «سام 7» عند الارهابيين كان يؤرق العاملين في اجهزة الامن منذ أشهر نظرا لخطورة استعمالاته ضد الطائرات. بالغوا في الاعلان عن امتلاك الصاروخ لتخويف شركات الطيران التي اضطرت بعضها لوقف مؤقت لرحلاتها بعد ان ظهر شريط فيديو لـ«القاعدة» في السعودية فاخر فيها الارهابيون باحدى عملياتهم وظهر خلفهم عدد من صواريخ سام.

واذ اثبتت المداهمة صدق وجود الصاروخ نفسه، الذي ظهر في الفيديو من قبل، لتأكد على قدرة التنظيم على التسلح النوعي، ايضا كشفت انهم بالغوا في استعراض امكانياتهم. فصواريخ سام التي ظهرت في الفيديو لم تكن في حقيقة الأمر الا صاروخا واحدا فقط جرى نسخه فنيا على الكومبيوتر وكرر في المشهد حتى بدا ترسانة من الصواريخ لإدخال الرعب في نفوس الآخرين. مجرد اكذوبة كومبيوترية وفقا للإفادات والتحريات التي اعلن عن نتائجها في البيان الامني الأخير.

لعبة التخويف بالصواريخ والرؤوس المقطوعة تعكس أهمية الدعاية في حربهم التي اجادوها منذ البداية مستغلين الاعلام والمنابر المختلفة. الدعاية استخدمت ادوات التصميم والتصوير والانتاج الفني، وكررت إظهار بشاعة افعالهم بقطع الرؤوس وتوزيع الاشرطة المروعة. الحربان النفسية والميدانية لن تتوقفا بمجرد القبض على سكان دار واحدة في الرياض بل بقيت جولات أخرى مع العقول المريضة التي علينا ان ندرك انه بقي الكثير منها.

[email protected]