لم نحقق في أعظم خطر يواجهنا

TT

قرأت ملخصات تقرير احداث الحادي عشر من سبتمبر، الذي وضعته لجنة الكونغرس الاميركي، وهي لن تغنيني عن قراءة الستمائة صفحة الكاملة. فالقضية تهمنا لأننا الأشقياء فيها وهي النافذة الوحيدة المفتوحة لنا نطالع منها اعظم خطر يواجهنا، خاصة أنه لم تجر أي تحقيقات حول تنظيمات الارهاب التي تضربنا اليوم. فلو كان حادث مرور صغير لجرى تحقيق فيه وسجل محضر بشأنه، اما هذه الكارثة المستمرة فلم نر تحقيقا فيها. نريد تحقيقا حول حقيقة التنظيم وتاريخه وارتباطاته المحلية والاقليمية والخارجية. لن ننجح غدا بدون ان نراجع اليوم ما حدث بالأمس خطوة خطوة حتى نصل الى كبد الحقيقة. نحن تائهون في انهار من الانباء المتناقضة، والمعلومات الناقصة، والاستنتاجات الأقرب الى الخيال.

المهمة ليست صعبة فاسامة وايمن وعطا والحنجور والموساوي وكل المائة الآخرين هم من اولاد هذه المنطقة، وليس صعبا تتبع خيوط الحقيقة من جانبنا. سنعرف ان كان تنظيم القاعدة أسطورة خرافية ام عصابة بالغوا في حجمها، أم بالفعل مخططا كبيرا له اطراف نائمة واخرى مستيقظة مندسة؟ إن كان هناك من قدم له العون فكيف وبكم، وما عدد افراده وحجم امكانياته؟ في قضية مصيرية لا يمكن ان تواجه تنظيما سريا بالاعتماد على اقوال الصحف وتحليلات المجالس، ولا يمكن ايضا الاكتفاء باستنتاجات الغير، كلجنة الكونغرس.

عشر سنوات مرت منذ ظهور القاعدة ويفترض انه لم يعد صعبا درسها، وكتابة تاريخها، وبالتالي وضع الاحداث في سياقها الصحيح ثم مواجهتها. فهي الحدث الأبرز في وقتنا المعاصر والأخطر ولا مفر ابدا من التعرف على كامل حقائقها المؤلمة ان اردنا النجاح في مواجهتها.

وما يحيرنا حتى الآن تقاعس الاجهزة الرسمية في حكومات المنطقة المعنية عن القيام بتحقيقاتها الكاملة لمعرفة ماضي ما حدث مفصلا وعمق المشكلة اليوم، وان وجدت فأين هي؟

الاميركيون انجزوا تحقيقاتهم التي تخصهم سعيا لفهم ظروف هجمات سبتمبر، وكيف استطاع المنفذون ركوب الطائرات، وقبل ذلك كيف حصلوا على تأشيرات دخول البلاد، وكيف تعلموا الطيران، وتآمروا لأكثر من عام من دون انتباه اجهزة الأمن، وكيف عبروا بوابات التفتيش حتى لحظات الارتطام الشهيرة. سيبين التحقيق لهم نقاط الضعف في اجهزتهم لسدها، ويرسم صورة متكاملة للعدو تسهل مواجهة خططه المقبلة وملاحقة افراده.

وكما رأينا من ملخصات تقرير الكونغرس، الذي شارك فيه جيش من المختصين، فقد صحح الكثير من المعلومات المضللة، مثل الحديث عن الروابط السرية في السعودية بالقاعدة، وبرأ ساحة افراد شاء حظهم العاثر ان يصادفوا اعضاء التنظيم، فظهر التقرير محايدا بقدر الحقائق التي اتيحت له. أوضح مواقع الخلل في نظام التأشيرات والمراقبة والتفتيش في المطارات وانهاء تضارب الصلاحيات بين اجهزة الدفاعات الجوية والسلطات الادارية والامنية الداخلية.

هذا ما فعلوه لأنفسهم، فما الذي فعلناه لفهم مشكلتنا؟

[email protected]