تقرير 11 سبتمبر في مهبّ المعركة الرئاسية

TT

بنشرها التقرير النهائي المفصل، للتحقيق في هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 ، حتى قبل نشر الوثيقة النهائية، تكون اللجنة الوطنية، قد قلصت من فرص واحتمالات ان يكون التوصل الى النتائج النهائية والتوصيات خاضعا للاستغلال والتحوير من وراء الكواليس.

وعلى الرغم من ان الافتقار الى الانفتاح والوضوح، مشكلة اساسية للادارة الاميركية الحالية، اثبت كين وهاميتلون وزملاؤهما، في اللجنة، ان الحكومة المفتوحة هي حليف للأداء الفاعل وليس عدوا له. كما ان العملية التي جرى التوصل من خلالها الى التوصيات تضمن التعامل معها بصورة جادة، وبما ان اللجنة سعت الى إقامة التوازن اللازم بين الأمن والحريات، فإن المقترحات التي تقدمت بها لن تصب، في الغالب، الزيت على نار التنافس بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

إلا ان الخوف من هذا التنافس لا ينبغي بأية حال ان يوقف الرئيس بوش ومرشح الرئاسة الديمقراطي جون كيري، خلال حملتيهما، عن مناقشة التوصيات. اذ من الضروري ان يوضح الرئيس بوش للرأي العام الاميركي سبب عدم تقدمه بأي من مقترحات اللجنة، حتى بعد مرور 34 شهرا على هجمات 11 سبتمبر. وما يمكن قوله في هذا الجانب، ان اهم الاشياء التي باتت اكثر وضوحا بعد نشر هذا التقرير، ان ثمة الكثير مما ينبغي عمله.

هذا هو السبب في ان المرحلة الثانية من النقاش تدور حول المسؤولية. اذ يلاحظ كل من اطلع على التقرير، ان توم كين، رئيس اللجنة وأعضاءها، تحاشوا توجيه المسؤولية الى أفراد بعينهم. فقد قال كين بوضوح: «ان ما حدث كان فشلا في السياسة، والإدارة والمقدرات والتصورات.... ما يمكن قوله هنا بكل ثقة وتأكيد، هو ان الإجراءات التي كانت تتخذها السلطات الاميركية قبل 11 سبتمبر 2001 ، لم تعرقل او تؤخر سير مخطط تنظيم القاعدة».

يحتوي التقرير على الكثير مما يمكن قوله حول ادارتي بوش وكلينتون، إلا انه اشار ضمنا، الى انه كان لدى ادارة بوش الكثير من المؤشرات على وجود الخطر، رغم عدم توفر تفاصيل دقيقة حوله. فقد توفر ما يزيد على 40 مادة استخبارية تتعلق بأسامة بن لادن في التقرير الأمني اليومي الذي كان يتلقاه الرئيس بوش، خلال الفترة من 20 يناير حتى 10 سبتمبر 2001.

وبالنسبة للتصريح الشهير الصادر في 6 اغسطس «بن لادن مصمم على شن غارات في الولايات المتحدة»، طرح التقرير المعلومات المحدودة التي حصل عليها من بوش، حول ما فعله بتلك المعلومات. وأوضح التقرير «انه (بوش) لا يتذكر مناقشة تقرير 6 اغسطس مع وزير العدل او ما اذا كانت رايس قد فعلت ذلك». واضاف التقرير «لو كان مستشاروه قد ابلغوه بوجود خلية في الولايات المتحدة، لكان عليهم التحرك لمواجهة ذلك. وهو ما لم يحدث».

واشار التقرير في مجال آخر: انه «لم يجر عقد اجتماع لمجموعة مكافحة الارهاب ولا لمجلس الامن القومي لمناقشة التهديد المحتمل بغارة في الولايات المتحدة... ولم نجد اشارة على مناقشات لاحقة قبل 11 سبتمبر بين الرئيس وكبار مستشاريه حول امكانية التهديد بغارة للقاعدة في الولايات المتحدة».

وربما توجد تفسيرات جيدة لذلك. ويجب على الرأي العام معرفتها. ان رئيسا يسعى لإعادة انتخابه، على اساس وضع حد للارهاب، عليه ان يشرح وبوضوح اكبر، ماذا فعل بما عرفه في ذلك الصيف. كما ان على بيل كلينتون، القيام بالشيء نفسه فيما يتعلق بقراراته في فترة توليه الرئاسة. ولذا فلنتخذ موقفا غير حزبي: يدين كلا من كلينتون وبوش للامة بعقد مؤتمرات صحافية على اكبر نطاق للرد على الانتقادات التي يحتويها التقرير. ويجب ان تكون تلك المؤتمرات الصحافية مفتوحة. ولا ينبغي تجاهل أي سؤال محتمل. واذا ما اردنا التقدم، يجب علينا التخلي عن تبادل الاتهامات. وكما اظهرت هيئة التحقيق في احداث 11 سبتمبر، فإن الانفتاح والأمانة هما افضل الوسائل لذلك.

* كاتب أميركي

ـ خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»