استحقاقات الرئاسة اللبنانية

TT

لا أرى عذرا للرئيس اللبناني اميل لحود في الربط بين الحوار اللبناني للتجديد الرئاسي وبين «المؤامرات الاسرائيلية» على الساحة اللبنانية. والرئيس لحود يعتبر ان كل سجال جانبي يمكن ان يترك هامشا للتشويش على وحدة البلاد واستقرارها الامني.

العرب كلهم بلا استثناء عانوا من هذا المنطق، منطق الربط بين الحوار الوطني الداخلي والدعوة للاصلاح والتنمية وممارسة فضيلة الاختلاف وبين الحديث عن المؤامرات الاجنبية، وتحت حجة هذه المؤامرات الاجنبية تداس كرامة الناس وتسرق لقمتهم!!

قضية التجديد للرئيس لحود والخلاف حولها هي اكبر من ان تكون قضية هامشية او قضية يمكن ان تربط بحادث امني هنا، او تصريح اسرائيلي هناك، فالقضية هي قضية جدية تتعلق بنظرة اللبنانيين الى ادارة بلدهم، وشعور قطاع لبناني لا يستهان به بأن الاستقلال اللبناني منقوص، وان تضحيات اللبنانيين على مدى عشرات السنين لخلق مجتمع مدني ومبدع تصطدم باستحقاقات اقلية لا علاقة للبنانيين بها.

لقد لعبت اطراف اقليمية كثيرة بورقة لبنان، كل طرف كانت له حساباته ورؤيته ونواياه، فالاسرائيلي يريد الضغط على سورية فيضرب لبنان، والسوري يريد ان يضغط على اسرائيل فلا يضربها بجيشه او سلاحه بل بالسلاح اللبناني. والقيادة الفلسطينية حاولت في فترة من الفترات ان تضرب طائفة بطائفة، او منطقة بمنطقة فكانت كل طوائف لبنان ضحية لهذه الضربات.

لبنان الصغير يستخدمه الكثيرون على امل ان يكونوا كبارا، وليس مهما ما هي خسارة اللبنانيين في هذه المعارك بل المهم ماذا يربح الآخرون، وخاصة اولئك الذين يعتقدون ان لبنان ليس شعبا وليس مواطنين احرارا بل هو ورقة يمكن استخدامها للتفاوض السياسي مثلها مثل غنيمة حرب، او مثلها مثل شخص تختطفه مجموعة وتساوم عليه وهي على استعداد للتضحية به من اجل مصالحها.

التجديد الرئاسي في لبنان ربما يكون مناسبة ملائمة لفتح الملف اللبناني على مصراعيه، ولبحث قضية اللعب الاقليمي بالورقة اللبنانية، ولكنه بالتأكيد ليس مرتبطا بمؤامرات صهيونية، وعلى الجميع التوقف عن تخويف وتخوين الناس بالورقة الصهيونية، فلقد اصبحت الاسطوانة قديمة ومستهلكة.