إيران.. التعلم من دروس الماضي

TT

التقارير التي تخرج من العراق وتتحدث عن تدخلات ايرانية مباشرة عبر جهاز الاستخبارات الايرانية وعناصر الحرس الثوري وغيرهما هي تقارير مقلقة، وربما لا تعرف الاوساط المتنفذة في طهران خطورة مثل هذه التدخلات على مستقبل المنطقة كلها.

ايران تلعب بالنار وخاصة في مدن الجنوب العراقي، حيث تنقل التقارير اختراقات اجهزة الاستخبارات الايرانية للأجهزة الحكومية وتدخلها وصرفها للأموال، بل وعلاقاتها بقوى ارهابية تمارس العنف في العراق. وايران تلعب بالنار حين تغير مواقع حدودية على طول الحدود الايرانية ـ العراقية وتجعلها محطات لتحرك عناصرها.

ألم تتعلم ايران من الماضي شيئا، ألا يتذكر متخذو القرار السياسي في طهران التكلفة البشرية والمادية التي دفعتها دول المنطقة وخاصة ايران والعراق بسبب مثل هذه السياسات اللامسؤولة تجاه الجيران.

في ايران يمارسون سياسة النفي لكل التقارير التي تتحدث عن التدخلات في الشأن العراقي ويتعللون بتعدد الاجهزة وتعدد المرجعيات الدينية، ولكن الحقيقة ان سياسة التدخلات هي مسؤولية الحكومة الايرانية. ولقد استمعت شخصيا الى شكاوى عدد من السياسيين العراقيين القادمين من البصرة والناصرية وغيرهما من مدن الجنوب عن حجم التدخلات الايرانية، وحجم الاموال التي يتم نقلها الى هذه المدن وعمليات اختراق الاجهزة الادارية العراقية.

نعلم حجم المرارة التي يعيشها المسؤولون العراقيون بسبب التدخلات الايرانية ونعلم حجم المعلومات التي لديهم عن هذه التدخلات، ولكننا نأمل في أن يتم احتواء هذه المشكلة من دون تصعيد، ونعتقد ان تصريح وزير الدفاع العراقي بأن ايران «هي العدو الاول للعراق» لن يحل مشكلة، خاصة اننا نأمل بعد سقوط صدام ألا تتحدث دول المنطقة عن بعضها البعض بلغة العداوة، بل بلغة الاصدقاء الذين بينهم مشاكل وصعوبات تحتاج الى حل. ويكفي المنطقة ما دفعته من تكلفة وما عانته من مآس بشرية كبرى بسبب سياسة العداء الاقليمي.

هل من عاقل في القيادة الايرانية يفتح ملف التدخلات الايرانية في الشأن العراقي، ام انهم سيتركون المشكلة تتدهور وهو ما يمكن ان يؤدي الى نتائج وخيمة ربما تكون ايران اكبر من سيسدد فواتيرها، وبلا شك فإن شعوب منطقة الخليج لا تحتمل ان تعود علاقات دول المنطقة الى نقطة الصفر.