الحفلة الأخيرة

TT

وصلت أسعار النفط الى مراحل غير مسبوقة وكسرت حاجز الاربعين دولارا للمرة الاولى منذ فترة طويلة، حتى تخطت الثلاثة والأربعين دولارا للمرة الاولى في التاريخ. كل ذلك وسط تنبؤات وتوقعات وتحليلات تؤكد أن استمرار ارتفاع الاسعار وارد ومحتمل وان مؤشرات بقاء الحال كما هو عليه مرجح لظروف اقتصادية وسياسية مختلفة. لكن كل ذلك سيكون على المدى القصير والقصير جدا.

ففي مدينة ديترويت معقل صناعة السيارات الامريكية، مقر أكبر شركات السيارات العالمية جنرال موتور تم الاعلان عن تصنيع سيارة تسير 500 ميل على جالون البنزين الواحد، نعم خمسمائة ميل، اضافة الى ان قوانين قيادة السيارات والبيئة في مختلف الولايات المتحدة يميل بقوة نحو تحديد أن كافة السيارات التي يسمح أن تسير على الطرقات يجب أن تكون ذات محرك ثنائي (كهربائي وبالبنزين) وذلك توفيرا لاستهلاك النفط. وها هي شركة بوينغ تطلق موديلها الجديد 7E7 الذي سيكون ذا استهلاك أقل للنفط.

وغير خافية القوة الهائلة الموجهة علميا وسياسيا نحو الاستفادة من الطاقات البديلة كالهوائية والمائية والذرية والشمسية. كل ذلك يعنى أن فورة الاسعار التي تشهدها الاسواق اليوم وتتمتع بها الدول المنتجة للنفط قد تكون الاخيرة. وان تنويع مصادر الدخل بالنسبة للسعودية وهي أهم الدول المنتجة للنفط لم يعد خيارا ترفيهيا أو ترفا يردد بل ضرورة حتمية تقتضيها الظروف المتغيرة القادمة في الآفاق.

تنويع الدخل يعتمد على مبدأ اتاحة الفرصة بسوية وعدالة ولكافة المجالات ولتحويل فكر السوق الحر الى فكر سوق حر ومنفتح على العالم قوة وثقة وارادة. ارادة وعلامات التغيير موجودة وتبقى المسؤولية بقراءتها والاستعداد الجدي لمواجهتها.

الدول المنتجة للنفط ستكون عرضة لنفس مصير الدول التي كانت تنتج الفحم أو القطن في سنوات مضت، تلك السلعتان هما نفط زمانهما ولكن لأن تلك الدول لم تتمكن من تنويع اقتصادياتها وفتح أسواقها لتحسين دخلها اندثرت من على خارطة العالم الاقتصادي وباتت لاعبا ثانويا.

الاستفادة مطلوبة من فورة النفط التي نعيشها والاستفادة القصوى من عوائدها ضرورية. ولكن التحدي الاهم والاخطر هو الاستعداد للمرحلة القادمة، مرحلة سوف يكون فيها النفط سلعة ثانوية، لا تعد له نفس درجة الاهمية وهذه المرحلة ليست ببعيدة. كل المطلوب هو القرار الجريء والاستعداد القوي لها.