ديمقراطية..قد تكون عقيمة

TT

لقد تمكنوا من الحفاظ على البلاغة طوال الاسبوع، وهو الامر الذي يثير الدهشة. فقد ابلغنا بيل كلينتون ان «القوة والحكمة ليست قيمتين متنافرتين، فيما وصف باراك اوباما اميركا بأنها «مكان سحري». وقال جون كيري «ربما يكون الطريق الرئيسي صعبا، ولكنه يؤدي الى مكان افضل».

لم يكن هناك نقص في العبارات المنمقة في مؤتمر الحزب الديمقراطي في بوسطن الاسبوع الماضي. ولكن هناك اختلافات كبيرة بين الواقع الصعب المشكل في قلب الحملة السياسية وواقع باقي العالم.

لقد اوضح المؤرخ الاميركي هنري آدامز الأمر بقوله: «السياسات العملية تتشكل في تجاهل الحقائق. مع أن الحقائق، التي تواجه أميركا في الوقت الذي يتصارع فيه بوش وكيري على منصب الرئاسة، شرسة للغاية. فلا احد يريد ان يبلغ الناخبين المحتملين ان الأمة قد سقطت في هوة عميقة للغاية، بحيث يتطلب الامر عدة عقود للخروج منها. ولذا فإن المرشحين يحاولان التفوق على بعضهما البعض في التعبير عن التفاؤل. وقد سخر كل من بوش وتشيني من التشاؤم التقليدي للديمقراطيين.

الناخبون يستحقون ظروفا افضل في هذه الحقبة التي تتسم بكم هائل من المشاكل. اذا اخذنا العراق في الاعتبار، فإن كلا من بوش وكيري لا يعرفان ما ينبغي عمله ازاء هذه المغامرة الفاشلة التي راح ضحيتها ما يزيد على 900 اميركي وآلاف العراقيين الأبرياء. استنزفت هذه الحرب الخزانة الاميركية وجعلت من الشرق الاوسط مكانا يفتقر الى الاستقرار وليس العكس. اما أحلام تعزيز الديمقراطية في حدائق بغداد ثم انتشارها مثل ازهار الربيع في منطقة الشرق الاوسط، فقد تبددت فيما يبدو، ليحل محلها واقع مرعب يتميز بالتفجيرات والاختطافات وقطع الرؤوس.

واذا اخذنا في الاعتبار افغانستان ايضا، فإن مسؤولين اميركيين حدثونا قبل وقت ليس بالطويل عن نصر حاسم مزعوم حققته ادارة الرئيس بوش وحررت نساء افغانستان من قبضة طالبان. إلا ان مزاعم النجاح تلك جاءت قبل اوانها. فمكان اختباء أسامة بن لادن والملا عمر لا يزال غير معروف، فضلا، عن أن زعماء الحرب القبليين ومجموعات المتمردين يسيطرون على أجزاء كبيرة من افغانستان مع ازدهار تجارة الافيون.

والى ذلك، فتوفير الوظائف في الولايات المتحدة قضية اخرى لن يبلغ مرشحو الرئاسة الناخبين بالحقائق المتعلقة بها. ما يمكن قوله هنا هو ان هناك الملايين من الاميركيين العاطلين عن العمل، اذ ان عدد الاميركيين الذين يبحثون عن وظائف في ازدياد يومي، دون ان تكون هناك خطة لاستيعابهم. والاسر تتعرض لظروف ضاغطة مع تراجع الوظائف الجيدة وخدمات مثل التأمين الصحي والعطلات المدفوعة الأجر وتأمين اوضاع المتقاعدين.

وتجدر الاشارة الى ان هذه معلومات في غاية التعقيد. والبحث الجاد عن حلول لا يأتي إلا من جهد مستمر من اكبر قطاع من الرجال والنساء الاذكياء والحكماء. ان ما تحتاجه أميركا حقا هو قيادة يمكن ان تقود مثل هذا الجهد.

ولكن، ولسوء الحظ، فقد اصبحنا مجتمعا مدمنا على اوهام الحلول السريعة. نريد ان تصبح حلولنا متضمنة في بيان محدود. ونريد من قادتنا التحكم في الواقع بما يرضينا.

ولذا فهذا بوش يقول للناخبين في اوهايو الصناعية التي تعاني من المشاكل، إن الاقتصاد قوي ويزداد قوة، فيما يؤكد فريق كيري ادواردز للجميع بأن المساعدة في الطريق قادمة.

الناخبون يستحقون ما هو افضل من ذلك، ويوجد سؤال حقيقي بخصوص ما اذا كانوا يريدون حقا الافضل. ربما لن يكون بوسع المرشحين ابلاغ الناخبين الحقيقة وفي الوقت ذاته الحصول على الفوز، بما أن ذلك هو الأقرب الى الحدوث، فالديمقراطية على الطريقة الاميركية قد تكون اكثر عقما من سنواتنا الاربع الاخيرة.

* خدمة نيويورك تايمز