قراءة لسيناريوهات انتخابية

TT

نصيحتي للزملاء الصحافيين، هي أن يستكشفوا مواقع خاصة بالحملة الانتخابية، فمن المهم ان نرى أنفسنا كما يرانا الآخرون. على سبيل المثال، عندما بدأ النمو الاقتصادي في التسارع بمعدل كبير، لكن لفترة قصيرة، رأت محطات الأخبار ان الاقتصاد يمر بفترة ازدهار. وعلى الرغم من تباطؤ هذا التسارع، ثم سيره بخطوات ثقيلة، لم يتغير السيناريو أبدا; فالعديد من القراء يصرون وبغضب، في رسائلهم الإلكترونية التي اتسلمها، على أن الأرقام التي أقدمها لا تتماشى مع كل ما يشاهدونه على التلفزيون.

إذا كنت تريد مشاهدة سيناريوهات أخبار التلفزيون عمليا، شاهد مؤتمر الحزب الديمقراطي. قناة البث التجاري تقدم تغطية لمدة ساعة واحدة فقط ليلا. وسوف نرى ما اذا كان الجمهوريون سيحصلون على معاملة مماثلة. غير ان العديد من الناس شاهدوا المؤتمر على محطات الأخبار التلفزيونية، وما رأوه خضع لسيناريو يظهر الديمقراطيين غاضبين وكارهين لبوش مزدرين للعسكر.

وإذا بدا ذلك مثل سيناريو كتب على يد الجمهوريين، فهو حقا هكذا. فكما اوضح فيلم «متفوق عليه في الحيلة»، ان محطة «فوكس نيوز»، هي وكالة دعائية لصالح الحزب الجمهوري. ففي استطلاع للرأي جديد وشهير، تبين أن مشاهدي محطة فوكس هم أكثر المتفرجين قناعة، بأنه تم العثور على دليل يثبت وجود ما يربط صدام حسين بتنظيم «القاعدة»، وأن أسلحة الدمار الشامل قد تم الكشف عن مواقعها في العراق، وأن معظم بلدان العالم أيدت الحرب على العراق.

اما محطة «سي إن أن»، فقد كانت مختلفة في السابق، لكن «كامبين ديسك» الذي تديره وكالة «كولومبيا جورناليزم ريفيو»، استنتجت، بعد مشاهدتها للطريقة التي نقلت بها «سي أن أن» أخبار المؤتمر القومي للحزب الديمقراطي، أن هذه المحطة «قلدت سياسات ومخططات فوكس الأكثر خبثا». فبعد ثوان من خطاب جون كيري، أعطت «سي إن أن» أد غيلسبي رئيس الحزب الجمهوري، الفرصة لمهاجمة المرشح الديمقراطي. فهل سيعطى تيري ماك أولف الفرصة ليتحدث مباشرة بعد أن ينتهي الرئيس بوش من خطابه؟

بذل المعلقون السياسيون جهدا كبيرا لإزالة تلك المشاهد، التي لا تتوافق مع السيناريو المكتوب. فبعضهم رأى ببساطة، فقط، ما أراد ان يرى. وعبر شاشة «فوكس»، أكد مايكل بارون أن المشاركين في مؤتمر الحزب الديمقراطي ابتهجوا فقط، حينما انتقد كيري بوش، لكنهم كانوا صامتين حينما طالب بتعزيز قوة الجيش. تفحص اللقطات التلفزيونية في برنامج «ميديا ماترز» (شؤون الإعلام); فقد كان هناك ترحيب صاخب عندما تحدث كيري عن أميركا قوية. لكن القوة الحقيقية للسيناريو، تكمن في الطريقة التي يتم من خلالها تغيير قصة ما حدث بطريقة ارتجاعية، ففي يوم الخميس ما قبل الماضي، اعتبر خطاب كيري نجاحا كبيرا ملموسا، ووجدت مجموعة متخصصة يرأسها فرانك لانتز، منظم استطلاعات الرأي الجمهوري، بأن الخطاب كان مؤثرا ومقنعا، بل حتى المعلقون المؤيدون لبوش، اعترفوا في البدء بأن مسار الخطاب كان جيدا.

لكن إنذارا من الإرهاب، قام بتعتيم ذاكرة الناس حول ما جرى في الأسبوع الماضي. وعلى الرغم من أن وجود تاريخ طويل من الإنذارات المتزامنة مع توقيتات سياسية معينة، فإن توم ريدج حول الإعلان عن الإنذار إلى مناسبة لامتداح «قيادة الرئيس في الحرب ضد الإرهاب». وقد يكون هذا الإنذار مستندا إلى معلومات حقيقية، بغض النظر عن كل شيء، فإنه يعطي المشتبه فيهم، فرصة لالتقاط الأنفاس; وحالما يعود الهدوء، لا تستغرب إذا كان بعض من أولئك المعلقين السياسيين أنفسهم، قد بدأوا في وصف خطاب كيري بأنه غير فعال، ومخالف لما توقعوه وما «تأملوا سماعه». لحسن الحظ، انه بات ممكنا في زمن الإنترنت تجاوز هذه «الفلترة». فعبر موقع c-span.org يمكنك أن تجد نسخا من جميع الخطابات وأفلام فيديو عنها.

* خدمة «نيويورك تايمز»