المجاهد الطيب والمجاهد السيئ

TT

على غرار الشرطي الشرير والشرطي الرحيم في لعبة الاستجواب الأمنية، يبدو ان في «المقاومة العراقية» من يتعمد بعث رسائل متناقضة. وكل الدلائل تشير الى ان «المقاومة» شركة متعددة الجنسيات وهي الآن متعددة الاقوال. فخاطفو السائقين الاردنيين سموا انفسهم بالمجاهدين في «مجموعة الموت» ومن حررهم تسمى بـاسم «مجلس مجاهدي الفلوجة» مما أربكنا جميعا. وفي النداء الأول طالب اهل الضحايا بالاستماع الى المجاهدين الخاطفين، وفي البيان الثاني شكر الاهالي المجاهدين الشرفاء من حرروا اولادهم من الاسر. فهل هم المجاهدون يخطفون بيد ويطلقون بالثانية، أم انها فوضى العراق؟ والوسطاء بدورهم، مع جزيل الشكر لوساطاتهم، مشكوك في امرهم طالما ان هناك اموالا تدفع تحت الطاولة وعمليات متكررة.

في خضم هذه الفوضى وسيل أشرطة الفيديو وتكاثر عمليات الخطف وتوحيدها تحت يافطة محاربة القوات المحتلة وافتضاح امر بعضها التي تبودلت فيها عمليات دفع أموال، لم يعد سهلا علينا معرفة صحة كل ما يقال. فالرهينة اللبناني فلاديمير دمعة الذي افلت من الأسر كان خاطفوه قد اذاعوا ان مطلبهم محاربة القوات المحتلة وبعد ان وصل الى بيت اهله كشف ان الخاطفين كانوا وراء الفدية، وفي ثلاثين ساعة فقط خفضوا طموحاتهم من خمسة ملايين دولار الى 300 الف دولار، وحتى هذا المطلب «المتواضع» لم يحصلوا عليه بعد ان داهمت الشرطة العراقية موقعهم واضطروا الى الهرب مفلسين.

وتكرر التناقض في جريمة أخرى عندما تبرأ موقع إلكتروني من ان يكون المجاهدون المنسوبون الى «القاعدي» الأول، الزرقاوي، مسؤولين عن تفجيرات الكنائس العراقية واتهموا جهة اخرى بأنها تريد تشويه سمعتهم. وسبقه بيان آخر منسوب لـ «المجاهدين» يعلن مسؤوليتهم عن التفجير بدعوى مواجهة التكفير والتنصير ولا ندري من نصدق. وربما سبب التناقض ان هناك محسوبين على التنظيم فكريا يتدخلون من خلال المواقع الإلكترونية لتحسين سمعة «المجاهدين» من أي عمل يواجه نقدا شعبيا كبيرا في لعبة بناء علاقات عامة مع غالبية الناس التي تستهجن مهاجمة الابرياء اختطافا او تفجيرا.

بعيد أحداث 11 سبتمبر يوم شنت الاصوات المنتمية او المحسوبة على الفكر «القاعدي» حملة تبرئة التنظيم من هجمات نيويورك وواشنطن معلنة انها مفتعلة لتبرير شن حرب على افغانستان، لكن ما لبثت ان سكتت هذه الاصوات بعد ان ظهر اكثر من بيان موثق من «القاعدة» الأصلية يؤكد مسؤوليتها، وأنتجوا أفلاما تمجد الفاعلين اسماُ اسما.

ومن المؤكد ان بعض عمليات الخطف، وان اتسمت بالجهادية، ليست من القوى المحاربة بل مجرد عصابات خطف أفرزها الوضع الفالت أمنيا، وهذا لا يلغي حقيقة وجود مقاومة تخطف أناسا مدنيين أبرياء يعملون في مهن بسيطة ويقدمون خدمات للعراقيين، ولا علاقة لهم بالحرب، في عمل لا يمكن تبريره.

[email protected]