لوبي الوسطاء!

TT

«الوسطاء يشجعون هؤلاء الناس» أي الإرهابيين. هذا رأي فلاح النقيب، وزير الداخلية العراقي في مؤتمر صحافي حول رأيه في ظهور وسطاء في قضية خاطفي الرهائن ببلاده.

لم يكتف النقيب بالقول ان الوسطاء يشجعون الإرهابيين، بل ذهب أبعد من ذلك حيث شرح وجهة نظره لرئيس الوزراء اياد علاوي بان قضية الوساطة «تأخذ مدى سياسيا». حسب قوله، وهذا صحيح.

أبسط مثال على ذلك، اعتماد جماعة ابو سياف في الفلبين على اختطاف السياح الأجانب. فلم يلقوا القوة والحزم، عوضا عن ذلك، كانت هناك محاولات للوساطة، تنتهي كثيرا بدفع فدية ولو غير معلنة، مما ادى لتماديهم حيث نالوا المال والتغطية الاعلامية. وهذا مرادهم، وبالتالي اصبح لهم وجود حقيقي. فالوسطاء كانوا يستثمرون الظرف لتحسين سمعتهم دوليا لا أكثر.

الوسطاء، دولا كانوا او افرادا، غالبا، حريصون على الشهرة واكتساب المشروعية السياسية. لا أحد يفعلها لوجه الله. إنها سياسة! ومن هو صادق مخلص لا تسمع عنه، ولا ترى له أثرا. ولا يطالب الدولة بتنازلات. مهمته ضمان ان قنوات الاتصال سالكة، وأن يقنع المطلوب بضرورة تسليم نفسه، تحت مظلة نظام البلاد من دون تنازلات. فمأزق الخارجين على القانون انهم يحرمون من فوائده عندما يحتاجون إليه، كما يقال.

حالات الوساطة في عالمنا العربي لا تخلو تجاربها من عظة وعبرة، وكذلك اهداف نجومها. في اليمن حين انتشرت حوادث الاختطاف، كان النجوم هم الوسطاء. وحدث ذلك مع الجماعات الإرهابية في مصر إبان نشاطهم في التسعينات.

الخارجون على القانون يتمادون، غالبا، عند دخول الوسطاء، فيطالبون بهدنة وشروط، ومن ثم يستغلون ذلك لترتيب صفوفهم. اما الوسطاء بدورهم فينالون المشروعية، ويتحدثون لوسائل الاعلام، بل ويزينون صدور صفحات الصحف، وتنفتح لهم نشرات الأخبار.

عندما يعتدي الارهابيون، او غيرهم، على سيادة الدولة، أيا كانت، فيجب ان تتصدى لهم الدولة نفسها التي تطاولوا عليها. لا عبر وسطاء. وإن تمت الاستعانة بالوسطاء، فيجب ان يكونوا تحت مظلة الدولة، وفي نطاق رادارها، لا أن يتحول الوسطاء الى مكبرات صوت، في ارض معركة يسمعها القاصي والداني.

هذا ما حدث في السعودية، خصوصا مع منظر «القاعدة» فارس آل شويل الزهراني الذي حولته «الوساطة» ندا ونجما، حتى وجد نفسه في المكان الطبيعي لأمثاله خلف القضبان الحديدية من قبل الأمن السعودي.

فترك حبل الوساطة على الغارب، يخلق مشكلة، في الوقت الذي يقصد به حل مشكلة اخرى. وهذا يتسق مع حديث الوزير فلاح النقيب.

العارفون بعمل جماعات الضغط او اللوبيات، يرددون مثالا يقول: «عندما تقتل شخصا واحدا فأنت بحاجة لمحام، أما اذا قتلت عشرة اشخاص فتحتاج الى لوبي»!

هذا ما يفعله كثير من الوسطاء. التفتوا حولكم واقرأوا ما بين السطور. إنهم لوبي الوسطاء.

[email protected]