تيار مقتدى الصدر.. إلى أين؟

TT

لدى كاتب هذه السطور نقص كبير في المعلومات حول «جيش المهدي» برئاسة السيد مقتدى الصدر، ولا اعرف من الذي يتخذ القرارات بشأن المواجهات العسكرية التي يشنها هذا الجيش ضد الجميع. لكني اعرف حق المعرفة ان ما يفعله «جيش المهدي» هو عملية عزل وإضعاف للسيد مقتدى الصدر، وان الحرب ضد الجميع هي تجربة فاشلة في كل الصراعات السياسية، وان غياب أي أفق سياسي للعمليات العسكرية هو عملية انتحار اختياري.

الذي يحدث ستكون نتيجته عزل تيار مقتدى الصدر عن الحياة العامة، فليس معقولا ان تقوم قوة سياسية بالحرب ضد أميركا وبريطانيا وإيطاليا، وان تدخل في حرب مع الشرطة العراقية والحرس الوطني والجيش العراقي، وان تقاتل معزولة عن بقية القوى السياسية بما فيها الاطراف التي يطلق عليها «البيت الشيعي»، وان يكون موقفها السياسي وبالتالي العسكري في خط متناقض مع المجلس الاعلى للثورة الاسلامية ومع حزب الدعوة ومع الشخصيات النافذة في الشارع الشيعي، ناهيك عن الطيف السياسي العراقي الواسع الذي يشارك في الحكومة العراقية الحالية وعن المرجعيات الكبيرة في العراق.

أتساءل بجدية: من الذي يحرك «جيش المهدي»؟ هل هو قرار سياسي ناضج مبني على معرفة بالمستقبل، ام هو حالة انفعالية تدفع بمئات الشباب الى الموت من دون هدف في معركة معروفة نتائجها مسبقا؟ هل هناك أطراف خارجة على القانون دخلت على خط المواجهة تحت لافتة «جيش المهدي»؟ وهل هناك مستفيدون من هذه الحالة يمارسون التصعيد على طريقة المثل المصري «شعللها.. ولعها»، وهم يستفيدون من هذه الاوضاع لتنفيذ برامجهم التي ربما لا علاقة لها بالسيد مقتدى الصدر وجيشه؟

نقول ان الدخول في معركة بأعداد قليلة من المقاتلين وبتسليح متواضع، وفتح جبهة ضد الشرطة والجيش والاحزاب العراقية هي عملية انتحار منظم، سيدفع «جيش المهدي» نتائجها على المدى البعيد والمتوسط، وهي معركة خاسرة حتى وان حققت نجاحات اعلامية مؤقتة.

مقتدى الصدر ينتمي الى عائلة قدمت الكثير من الشهداء، وسيكون من سوء التقدير ان يعزل الانسان نفسه وان يدخل في حرب ضد الجميع. مهما كانت النوايا صادقة، وان يسمح للخارجين على القانون باستخدام تاريخ طويل من التضحيات التي تستحق ان تحفظ باعتبارها جزءا من تاريخ مقاومة العراقيين للطاغية.