انتخابات في البلاد السعودية

TT

يبدو غريبا ذلك العنوان الذي ظهر في صحيفة محلية يحتج على عدم منح المرأة السعودية حقها في الانتخاب ويعتبره ناقصا بدونها، وظهرت مثله موضوعات ومقالات عديدة تجادل وتطالب بما هو أكثر. هذا التبرم في حقيقة الأمر اعلان عن تطور نوعي، لا مسرحي كما يحدث في بلدان أخرى، ففيه حرية تسير بخطوات صغيرة بلا تشنج وبدون افتعال، او مكابح ايضا، وتعكس عوارض صحية ايجابية للوضع العام. ويجب ألا نقيس الشكوى على انه عدم رضا بقدر ما نعتبره حالة جديدة كانت موجودة ولكن بأساليب مختلفة.

في بلد كهذا اعتاد على مجالس السياسة التقليدية التي يمكن ان يقال فيها او يكتب لها كل شيء ليس سيئا، ان تنتقل آلية النقد والشكوى والاقتراح الى الهواء المفتوح. فقد تبدلت الاماكن والاجيال والحاجات والاساليب ولا بد ان ننتقل معها مستفيدين من تجاربنا الناجحة. وانتخابات الرجال، وعسى ان يفتح الباب للنساء ايضا، التي تبدأ قبل نهاية العام تعتبر نقلة تاريخية لأنها، وان كانت تبدو متأخرة زمنيا في نظر كثيرين، الا انها ابكر بسنين من كل توقعاتنا، حيث كنا نحسب انها لن تحدث قبل نهاية العقد. ولا ننكر ان هناك قلقا سيصاحب الانتقال لا علاقة له بالفكرة بل بالنتائج. فالتخلف السياسي الشائع في العالم العربي افرز تجارب انتخابية مخيبة في بعضها للآمال، وعكس ايضا تفوق الفئات التي يفترض ان الانتخاب صمم حتى يقصيها. ومع هذا علينا ان نقبل بمن يقبل به بالتصويت ويشارك في الترشح ويختاره الناس. ونحن نعرف ان الانتخاب قد يعزز مظاهر التخلف في مجتمعاتنا، ونعرف أيضا انه سيمر وقت طويل الى ان يأتي اليوم الذي يصبح فيه الانتخاب وسيلة تحديث حقيقية لمجتمعاتنا.

نعرف انه سيقال لنا في يوم آت، يا من تشتكون من طبيخ الانتخاب انتم من تبضعتم له، الخبز والخضار واللحم، وهذا صحيح، فنحن من بذره وهم من سيحصده، وعلينا ان نقبل بذلك آملين ان يأتي يوم يتطور فيه المجتمع من داخله، ويصحح نفسه. فبناء هذه الآليات مهم اليوم، بغض النظر عن نتائجها، لتكون ضامنة لاستقراره اليوم وغدا ونجاحه. ومن قناعتنا ان المجتمع الجيد قادر على ان يعالج نفسه طالما اتيحت المشاركة في المسؤولية، والناس بطبعها في خدمة مصلحتها العامة، ومع التجربة، ستختار في النهاية الافضل، وحتى تعرف الافضل سيتسغرق الامر وقته.

[email protected]