الحرب على الموسيقى

TT

لم يجد نور مهنا وفرقته الموسيقية السورية من ينتظرهم على أرض مطار لوس انجليس الاميركي ليغني لهم: الحمد لله عالسلامة يا جاي من السفر،

انما وجدوا شرطة مكافحة الارهاب مستنفرة بكامل عدتها وعتادها للتحقيق معهم كمشبوهين ومن لا يشتبه بـ14 سوريا شوارب بعضهم دون مبالغة مثل شوارب أبو صياح وبمبالغة مثل شوارب ابو عنتر.

ولم نعرف بعد ان كان نور وفرقته قد غنوا لفرقة مكافحة الارهاب الاميركية في صالة التحقيق أغنيتهم الذائعة (عليه العوض) ففي ذلك الظرف لا ينفع غير هذا النوع من الأغاني فهم ليسوا اول ولا آخر من يتعرض للاشتباه في مناخ دولي مشحون حول الحرب على الارهاب الى حرب على الموسيقى فداخل أميركا نفسها أكثر من فرقة تجأر بالشكوى من الاتهامات والتضييق والمنع وما فرقة (ديكسي جيكس) الا المثال الأوضح على الارهاب الذي صار يتعرض له الموسيقيون والمغنون وكل من ضرب الدف او غنى بالطار ودار .

فرقة (ديكسي جيكس) تعرف بالتأكيد تهمتها فقد غنت ضد الحرب في العراق، الأمر الذي أدى الى منع أغانيها من عدة محطات اذاعية وتلفزيونية، أما نور مهنا وفرقته فما زالوا يبحثون عن السبب في توقيفهم والتحقيق معهم ومساعدة لهم في تركيب الصورة الغامضة التي وضعتهم في ذلك الموقف نحيلهم الى رواية السيدة التي ورطتهم بالتهمة العظيمة.

لقد روت (آني جاكوبسون) التي كانت ترافقهم على متن الطائرة التي أقلتهم من ديترويت الى لوس انجليس قصتها مع (المشبوهين الشرق أوسطين) كما سمتهم لصحيفة صندي تايمز بتاريخ 25-7-2004 مصرة على انهم مثيرون للشبهة بالرغم من انهم لم يعتقلوا لاحقا، ودليلها على ذلك انهم سبقوا غيرهم الى حمامات الطائرة وأن أحدهم دخل الحمام بحقيبة مليئة وخرج بها فارغة. أما الدليل الثالث فإن معهم شخص بنظارة سوداء جلس في الدرجة الاولى.

وطبعا هناك دليل اضافي شاهده جميع ركاب الطائرة معها- كما قالت- فقد كان السوريون أصحاب الجوازات الزرقاء يتجمعون في ممرات الطائرة ويتبادلون أحاديث هامسة - يا للهول ـ وقد ساعد هذا المشهد على تغيير قوانين الطيران الاميركية، فبعد ايام من الرحلة المباركة لنور السوري وآني الاميركية أصدرت ادارة الطيران المدني قرارا يمنع التجمع لأكثر من اثنين في ممرات الطائرات، وهذا قرار يذكرنا بقرارات الحكومات الانقلابية السورية التي كانت تمنع اجتماع أكثر من ثلاثة أشخاص في اي مكان بعد البيان رقم واحد.

وحتى لا نظلم السيدة على شكوكها لنتذكر انها قرأت في مناخ الارهاب الاميركي عن قنابل تدخل مفككة الى الطائرة مع عدة اشخاص، وهناك يتم تجميعها والمكان الأمثل لإعادة تركيبها قطعا حمام الطائرة، فلما أسرع الموسيقيون السوريون الى الحمامات لإكثارهم من الجعة قبل الاقلاع ـ ربما- طار صواب السيدة وأرسلت زوجها لينذر طاقم الطائرة.

ان الحرب على الارهاب تسير على قدم وساق في أميركا بالتوازي مع الحرب على الفن والغناء والموسيقى فقد تم طرد (ووبي غولدبيرغ) المتحدثة باسم فرقة (سليم ـ فاست) بسبب نكتة عن الرئيس بوش ونتيجة لهكذا مناخ مريب مرعب بدأ الفنانون يتذمرون ووصل التذمر الى فئة نادرا ما كان لها مواقف سياسية، كالمغني البريطاني التون جون الذي قال عن الحرب الخفية الحالية ضد الفنانين في أميركا إنها أسوأ من المكارثية، فالفنانون هذه الايام حسب مشاهداته في رحلته الاخيرة خائفون حتى العظم من أجواء الرقابة المكثفة على الأفكار والمواقف.

(عليه العوض ومنه العوض) في أرض الحريات يا نور فما يجري مع غيركم أصعب مما جرى لكم، وفي هذا بعض العزاء فمن يشاهد مصيبة غيره تهون عليه مصيبته.