قراءة الجمهوريين للاقتصاد مقلوبة

TT

حينما صدر التقرير الموحش يوم الجمعة الماضية بدأ المتعاملون في بورصة شيكاغو بالهتاف «كيري، كيري» لكن المدافعين عن سياسات الرئيس الاقتصادية بدأوا بإعادة تنقيح الأخبار السيئة. وهذا هو الدليل العملي على أساليبهم في هذا الميدان.

فهم يتكلمون عن الزيادة الأخيرة في عدد الوظائف المتوفرة لا على حقيقة أن جداول رواتب العمل ما زالت أقل بكثير مما كانت عليه في فترة قمتها، حتى تحت ما يمكن تسميته بالعمل ذي الدوام الكامل. ولأن نمو سوق العمل قد تحول أخيرا باتجاه تصاعدي، راح بعض الاقتصاديين يزعمون أن الرخاء الاقتصادي قد عاد مرة أخرى وزعم بعض أنصار الحزب الجمهوري بأننا نمتلك الآن أفضل وضع اقتصادي منذ عشرين عاما.

لكن زيادة النمو في مجال العمل لا تقول شيئا عن الرخاء الاقتصادي: إذ يمكن للنمو أن يكون مرتفعا في سنة اقتصادية سيئة أكثر مما في سنة جيدة،. أنا رسمت جدولا بيانيا حول نمو سوق العمل في فترة الثلاثينات; كان هناك تنام سريع للعمل غير الزراعي (8.1%) في سنة 1934، وهي تلك السنة الشهيرة ببطالة واسعة وتفش واسع للبؤس، مع ذلك كانت تلك السنة أقل بؤسا من سنة 1933.

لذلك هل عدنا حقا إلى الرخاء الاقتصادي؟ لا: فإيجاد العمل الآن أكثر صعوبة بأي مقياس كان من أي فترة خلال فترة حكم بيل كلينتون الثانية. قد يكون وضع سوق العمل في حالة تحسن بقدر ما خلال السنة الماضية لكنه ما زال في حالة غير جيدة.

ثانيا، يعطي المدافعون عن بوش أرقاما خارج أي سياق. ويفتخر بوش بتوفر 1.5 مليون فرصة عمل خلال 11 شهرا. مع ذلك فإن هذا بالكاد يكون كافيا للتماشي مع نسبة تكاثر السكان، وهو أسوأ من أي فترة تمتد لأحد عشر شهرا خلال سنوات حكم كلينتون.

ثالثا، هم ينتقون أي أرقام جيدة يتمكنون من العثور عليها لتأتي الأخبار المروعة من أن الاقتصاد لم يضف سوى 32 ألف فرصة عمل في يوليو (تموز) الماضي من معلومات جداول الرواتب. ويقول الخبراء إن ما ردده ألان غرينسْبان في فبراير (شباط) من أن «كل شيء نظرنا إليه يشير إلى أن معلومات جداول الرواتب هي السلسلة التي يجب أن تتبعها».

رابعا، يحاول المدافعون تغيير اتجاه اللوم. فيزعمون زيفا بأن ركود عام 2001 بدأ في عهد بيل كلينتون، أو على الأقل انه كان غلطته بمعنى ما. ولكن حتى اذا ما عزا المرء الركود الذي دام ثمانية أشهر، والذي بدأ في مارس (آذار) 2001 الى كلينتون، وهو افتراض مشكوك فيه، فإن فقدان الوظائف خلال فترة الركود لم يكن شديدا الى حد استثنائي.

كما أنه من غير المعقول الاستمرار في اعادة سبب الاداء الاقتصادي الضعيف الى الارهاب بعد ثلاث سنوات من الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).

وعلينا أن نتذكر انه في تقرير الرئيس الاقتصادي لعام 2002 تكهن اقتصاديو الادارة بحصول انتعاش كامل بحلول عام 2004، حيث يرتفع عدد العاملين الى 138 مليون بزيادة سبعة ملايين عن الرقم الفعلي.

وأخيرا عاد كثير من المدافعين الى ذلك الاحتياطي القديم: الزعم بأن الرؤساء لا يسيطرون على الاقتصاد. ولكن ذلك ليس ما قالته الادارة عندما سوقت سياساتها الضريبية. فخفض الضريبة العام الماضي سمي رسميا قانون تسوية الوظائف ونمو الضريبة لعام 2003، وقدم اقتصاديو الادارة صورة لامعة عن نمو فرص العمل الذي يمكن أن يأتي في اعقاب اقرار القانون. ولا حاجة بنا الى القول إن ذلك التصور أثبت انه مفرط في التفاؤل الى حد كبير.

* خدمة «نيويورك تايمز»