قراءة...

TT

يفتخر كثير من السعوديين بين الحين والآخر أنهم ينتمون الى أرض الرسالة التي جاءت بكتاب الله الكريم والذي كانت أول كلماته المباركة هي "إقرأ". ولكن ما هو واقع القراءة اليوم في المجتمع السعودي؟ هو واقع مترد ولا شك، فنسبة القراءة في تدني مستمر والصحف تعاني من هروب القراء لصالح التلفاز. أما الكتاب فهو في حالة يرثى لها. حركة النشر المحلية تعاني من أزمة جادة وحادة للغاية، فمتى سمعنا عن كتاب سعودي كتب في السعودية واحتل موقع رائد على قائمة الكتب الاكثر مبيعا عربيا اذا استثنينا بعض العناوين لبعض الكتب الدينية لن نجد الكثير من الكتب في هذا السياق. وطبعا هناك عيب أساسي يجعل القارىء يحجم عن القراءة المحلية ألا وهو غياب الكثير من الكتب المهمة والمنتشرة عربيا نظرا لمنعها (بالرغم من دخولها مع الكثير من الافراد في الكثير من المنافذ الجمركية) والغريب أن كثيرا من هذه الكتب هي لكتاب سعوديين!. وأزمة الكتاب حقيقة سببها غياب مشروع ثقافي متكامل يحث على القراءة ويزكيها، فالمكتبات العامة لا وجود حقيقي لها في حياة السعوديين فهي بدون هدف ولا توجه يخاطب العامة.

كذلك غياب الكتاب عن الطالب في دراسته فلا يوجد توجه تعليمي تربوي يحث الطلبة على القراءة والتثقيف بصورة عامة، ويضاف الى هذا أن النوادي الأدبية لم تتمكن من تحقيق أي انجاز عام يثري الساحة العامة بطرح مشروع للقراءة وقد يكون في ذلك ظلم للاندية الأدبية لأن الموضوع من الواضح أنه أكبر من قدراتها. القراءة هي ليست فقط مجموعة من الكتب تطبع وتوزع ولكنها مجموعة من الرسائل الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية والانسانية التي ترسم بها ملامح الدول وهي إحدى أهم علامات قياس التقدم والتطور في دول العالم. وطبعا لتحقيق هذا الشيء هناك شروط مطلوب توفيرها بجدية ولعل أولها وأهمها مناخ من الحرية مبني على احسان الظن يتاح للجميع.

في مناخ جديد تعيشه البلاد اليوم، مناخ يتيح المجال لرفع في مستوى سقف النقد المتاح ومناخ "يسمح" بتلقي المعلومات وتبادل الآراء في الفضائيات التلفزيونية وعبر شبكة الإنترنت العالمية وحتى عن طريق شبكة الاتصالات المتوفرة في الهواتف الجوالة، كل هذا المناخ الذي بات يظهر الآراء المتعددة والمتنوعة الموجودة في المجتمع السعودي بكافة أطيافه، من المفروض والطبيعي بل والمنطقي أن ينعكس ذلك على وفرة ووجود أنواع مختلفة من الكتب بالسعودية وهذا مع الأسف غير موجود. حتى بزيارة المكتبات التجارية الموجودة بالبلاد نجد أن العناوين المتوفرة فيها هي في معظمها قديمة ونمطية وذات مواضيع رتيبة ليس فيها تحد للعقل وافادة.

الكتاب هو سلاح لتثقيف وتأهيل واعداد المواطن والمواطنة لأداء دورهم في الحياة ومن دون وجود الكتب الكافية ستكون النتيجة "فقدان تغذية ثقافي" يتسبب في خلل في الفكر ورتابة في التفاعل مع التحديات المقبلة وهي كثيرة وهائلة. القراءة بحاجة الى نظرة جديدة وبحاجة لجرأة وثقة في التعامل مع مشروعها لأنه من دون ذلك سيبقى ما نقدمه من خطط تنموية ناقصا وبلا روح تثبته.

[email protected]