لنساند «البطون الخاوية»

TT

هؤلاء يطالبون بزيارة أطفالهم لهم، وتوفير العلاج للمرضى منهم، والحد من إذلالهم، وإيقاف إجبارهم على التعري، وغيرها من المطالب الانسانية التي يعتبرونها، وهم محقون، واجبا على سلطات الاحتلال ان تمنحها لهم في أسرهم الطويل.

وفي هذه المناسبة لنتذكر أن هؤلاء يطلبون اقل القليل ، ما يعني اننا لا نستطيع تجاهلهم في ضعفهم وامام التحدي الذي اعلنوه بالاضراب عن الطعام، في وقت يقول رئيس السجون انه سيتركهم يموتون جوعا. يقال إننا لا نعير بالاً للانسان بيننا، وان قيمته لا تزيد عن ثمن الحذاء ضمن ارخص الاشياء في حياتنا، نضحي به طفلا كان او شيخا، رجلا او امرأة، مستدلين على ذلك بالعمليات الانتحارية، وغضضنا الطرف عن المقابر الجماعية، وطأطأتنا لإفناء نصف السكان باسم الدفاع عن القائد والنظام. هذا على الأقل المفهوم الشائع عن كيف ننظر الى انفسنا وبعضنا البعض في وقت يبدي الاسرائيليون حرصا على مبادلة عظام ميت اسرائيلي من عسكرهم قتل في لبنان بثلاثين أسيرا عربيا حيا، ويعبرون عن استعدادهم لمبادلة ألف سجين عربي لقاء انقاذ حياة اسرائيلي واحد في الأسر.

هذا القول يظلمنا عندما يعمم على كل الناس، في حين انه صحيح الى حد ما في حق بعض الحكومات التي تعتبر انسانها مثل أي قطعة مكتب يمكن بيعه او التخلص منه. فصدام حسين رئيس العراق المخلوع، لم يتورع عندما كان في الحكم عن الافصاح عن استعداده للتضحية بمليون من مواطنيه، وباستهانة وصفها بالتضحية البسيطة. وتاريخ معاملة الضحايا والأسرى في الحروب نرى فيه هذا الاسترخاص للناس، شهدنا حكومات تترك مواطنيها في الأسر متجاهلة حقوقهم عليها، رافضة نجدتهم، كما حدث لنحو ثلث مليون أسير عراقي وايراني عاشوا حبيسي السجون في البلدين لنحو 15 عاما أفرج عنهم بعد ان تحسن مزاج الحكومتين واتفقت مصالحهما.

حركة العصيان المدنية التي تثور بين الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية ليست مجرد مطالبات لتحسين الاوضاع الانسانية فقط بل هي موقف اخلاقي ايضا يشملنا جميعا. أكثر من ألفي سجين بدأوا اضرابهم عن الطعام وسط استهزاء السجانين الاسرائيليين واعتبار مطالبهم مرفوضة مسبقا، معتقدين ان احدا لم يبال بحياة هؤلاء، فكيف يمكن ان يهتموا بمطالبهم «الصغيرة». وتعمدت ادارة السجون الاسرائيلية في معركة الاحتقار هذه أن تعزلهم عاطفيا واعلاميا لإيصالهم حالة اليأس الأخيرة بمنع الصحف واجهزة التلفزيون وغيرها. ووسط هذا التحدي غير العادل علينا دور ان نساند المساجين في ابسط حقوقهم، علينا تذكير الجميع ان هؤلاء يدفعون ثمنا لمن هم يعيشون خارج جدران السجون، وانه لا يجوز ان يسكت على دفنهم احياء في زنزاناتهم، وان سوء المعاملة لن يمر بلا رفض وتصعيد مدني في كل مكان، خارج السجن وخارج الاراضي المحتلة كذلك.

[email protected]