اللغات تنقرض! (1)

TT

هل تساعد العولمة على توقف اكثر من نصف اللغات الاصلية التي يتحدث بها البشر في العالم، والتي يبلغ عددها 6 آلاف لغة، عن التردد على الالسنة بحيث لن يعود لـ80 الى 90 %من هذه اللغات أي وجود في غضون المائتي عام المقبلة؟

يعتقد البعض الآن ان تعدد الالسنة في العالم كان بمثابة بلاء على البشرية لانه اذا كان هدف اللغة هو التواصل فان العدد الكبير من اللغات لا يؤدي سوى الى الارباك، فدولة «جمهورية الكونغو الديمقراطية» التي مزقتها الحرب على سبيل المثال فيها اكثر من 200 لغة ولهجة محلية، ومن ثم فان الاعتقاد السائد لدى منتقدي تعدد اللغات والالسنة، انه اذا تحدث جميع ابناء الكونغو البالغ عددهم 50 مليونا اللغة نفسها فان الناس سيكونون في وضع افضل.

لكن خبراء متخصصين في اللغات المهددة بخطر الاندثار لا يعتقدون بصحة ما يقوله منتقدو تعدد اللغات والالسنة، ودليلهم على ذلك قولهم ان الاختلافات اللغوية لا تسبب حربا وانما التعصب هو الذي يفعل ذلك، كما حدث بين الصرب والكروات الذين يتحدثون اللغة ذاتها ودخلوا في حرب ضد بعضهم البعض.

ويحذر بعض خبراء اللغات من ان موت اللغات يعتبر تهديدا لسلام الاجناس البشرية، ويذهبون الى القول انه مثلما يعتبر التنوع الاحيائي ضروريا لسلامة الارض، فان هذا الامر ينطبق ايضا على التنوع الفكري والثقافي. يقول مايكل كراوس مدير مركز «الاسكا» للغات الاصلية في فيربانكس: اذا كنت ترى معبدا صينيا او هنديا بوذيا فانك لن تجد اغراء مباشرا بتدميره وكذلك اللغات التي تعتبر معابد فكرية يتحتم علينا تقديرها حق قدرها وحمايتها من خطر الاندثار.

يقدم مايكل كراوس الذي يعتبر ابرز المحذرين من تعرض اللغات لخطر الاندثار حججا عديدة مؤيدة للتنوع اللغوي، منها انه من خلال الحفاظ على اللغات فان المجتمعات تحافظ ايضا على معارفها التاريخية والثقافية والعلمية، فالعديد من وسائل الطب الحديث تم تطويرها باستخدام المعرفة التقليدية عن النباتات والحيوانات، وعندما تموت لغة ما فان معلومات قيمة عن النباتات والحيوانات تموت معها.

ظهرت لغات واندثرت منذ الايام الاولى للتاريخ البشري، لكن طريقة التدمير الحادثة اليوم للغات لم يسبق لها مثيل حيث تحدث عملية التدمير هذه كلما قامت مجتمعات متطورة تقنيا بالسيطرة على جماعات اقل تطورا.