إسرائيل تخادع.. ولكن!!

TT

صرح رئيس الاركان الاسرائيلي موشى يعلون بان اسرائيل مستعدة للانسحاب من الجولان المحتلة مقابل اتفاقية سلام مع سوريا، وكنا نعتقد ان دمشق سترحب بهذا التصريح وتدعو اسرائيل الى استئناف المفاوضات وتحويل الاقوال الى افعال، لكن المفاجأة هو تصريح مستشار وزير الاعلام السوري الذي اعلن فيه ان هذه التصريحات «تلاعب بالالفاظ»، وان «هدف اسرائيل تظليل وخداع الرأي العام العالمي»، واضاف بلغة الخطابة العربية التقليدية «ان الجولان سورية عربية شاء الاسرائيلون ام أبوا»!!

هل يمكن اعتبار مثل هذه التصريحات عملاً سياسياً، وهل يجوز ان تمر تصريحات رئيس الاركان الاسرائيلي ولا تلتقطها سوريا بشكل ايجابي وتورطه وحكومته بالموافقة على الاقتراح والدعوة الى استئناف المفاوضات، فاذا رفض فان سوريا تكون قد كشفت تضليل الاسرائيليين وهذا المهم امام الرأي العام، وان قبلت ففي ذلك خير عظيم، واستئناف للمحاولة الجادة التي بدأها الرئيس الراحل حافظ الاسد بمفاوضاته اثناء حكومة ايهود باراك وطرحه مبادرة السلام ودعوته الاسرائيليين للانسحاب.

اما القول «ان الجولان عربية سورية شاءت اسرائيل ام أبت»، فهو كلام صحيح يسنده التاريخ والمنطق ولكنه يتعارض مع واقع الحال فالارض السورية العربية هي الان ارض محتلة وواجبنا العمل بكل الوسائل لتحريرها، وكل كلام انشائي وخطابي لن يساعد إلا على استمرار الاحتلال، وليس هناك بديل سوى التحرك السياسي رغم قناعتنا بان اسرائيل تناور وتكذب ولنا معها تجربة طويلة، لكن العمل السياسي والمفاوضات السياسية ليس مسألة نيات، وليس مسألة اخلاقية ومثالية، ولكنه عمل سياسي رفيع ومتعب وشائك، ولا يمكن لسوريا ان ترفض دعوة لتحرير ارضها، على الاقل على قاعدة «إلحق الكذاب الى عتبة الباب»!!

علينا ان نفرق بين كلام الاستهلاك المحلي لدغدغة عواطف الناس، والفعل السياسي الذي يوصلنا الى ما نريد، وعلينا ان نتذكر ان عدونا يقرأ ويحلل ونحن نتحدث بلغة الفروسية ونفكر بعواطفنا لا بعقولنا.