لا أدري ما سر هذه العلاقة بين الفن والمجون. فهذه ظاهرة قديمة، فمن اقدم الوثائق التي قرأتها في المتحف البريطاني رسالة مكتوبة على البردي بعثت بها ام الى زوجها في عهود الفراعنة تشكو فيها من مجيء عدد من النحاتين الى القرية لعمل تماثيل للملك. ومنذ وصولهم افتتنت بهم بنات القرية وراحوا يعيثون فسادا بهن. تقول له اسرع وادرك ابنتك. لم اعد استطيع السيطرة عليها.
ما سر هذه العلاقة؟ قد يخطر للذهن ان دراسة الرسم والنحت في أوروبا تتطلب دراسة جسم المرأة والرجل. وهذا يجر لعلاقة بين الفنان والموديل. فما اختلى رجل بامرأة الا وكان الشيطان ثالثهما. وبالفعل ارتبط الكثير من الرسامين الاوروبيين بعلاقات حميمية مع نساء كن موديلات لعملهم أو دراستهم. ولكن هذا تفسير ساذج فالظاهرة تشمل حتى الموسيقيين والممثلين والخزافين.
وردت حكايات ظريفة عن كبار الموسيقيين. كان منهم جورج شولتي الذي اعتاد على اهداء كل عشيقة جديدة معطفا من الفراء الابيض. استرسل بهذه العادة حتى لفتت انظارهن. فعقدن مؤامرة ضده. في احدى حفلاته الموسيقية الاوبرالية الكبرى في قاعة كفنت غاردن بلندن، لبسن جميعا هذا الفراء الابيض وحضرن الحفلة ورحن يدرن حوله بهذا الزي الموحد! فكانت فضيحة الموسم. غير ان الفنانين تعجبهم هذه الفضائح. فهي ترضي غرورهم وتدل على مدى نجاحهم وشعبيتهم بين الحريم.
جرى مقلب مشابه تماما مع نجم من نجوم الطرب. اعتاد على تغيير عشيقاته بقدر ما اعتاد الآخرون على تغيير قمصانهم. بيد ان واحدة منهن ادركت ان ايامها معه ستكون معدودة، فتجسست على مفكرته الشخصية والتقطت اسماء كل من عاشرهن من قبل مع ارقام تلفوناتهن. فما انتهى منها الا وبادرت الى مخابرتهن بدعوى انها سكرتيرته وطلب منها توجيه دعوة لهن لعشاء معه. وفي اليوم المعين والساعة المحددة لم ينقطع جرس الباب من الرنين والنساء يتقاطرن على بيته تدفقا من الماضي البعيد ويواجهن بعضهن البعض امامه وفيهن من تجاوزت ايام الشباب واشرفت على المشيب.
للكوندكتر الشهير توماس بيتشم مغامرات فظيعة في هذا الخصوص بلغ بعضها من الوقاحة والبذاءة ما يجعل رجلا مؤدبا مثلي تربأ نفسه من ذكرها للقراء العرب الذين لم يعتادوا على مثل هذه البذاءات. بالطبع، النتيجة الحتمية لمثل هذا السلوك انهيار الحياة العائلية لهؤلاء الفنانين والفنانات.
سألوا أخيرا النجمة السينمائية اليزابيث تيلر عن آلام الطلاق الذي مرت به ثماني مرات في حياتها فقالت: أوه! هذا يحدث أول مرة. تصبح العملية بعد ذلك روتينية. واذا كانت اليزابيث تيلر طلقت ازواجها ثماني مرات، فإن جاجاغابو تزوجت وطلقت 13 رجلا.
ولكنني التقيت بمطرب جامايكي من مطربي موسيقى الجاز تمتع بشعبية كبيرة بين الناس. اصطحب زوجته في هذه الحفلة الخاصة، لكنها كانت على درجة كبيرة من القبح. استغربت كما استغرب الآخرون من أمرها. كيف رضي بها وكل هؤلاء الحسان يجرين وراءه؟ انطلق يغني اغانيه الشجية عن الحب والصبا والجمال، ونحن نفكر بذلك السؤال، ويظهر انه هو ايضا شعر بتساؤلنا واستغرابنا. في آخر المطاف اعطانا جوابه في آخر أغنية يسخر فيها ويحذر من المرأة الجميلة الفاتنة والذكية البارعة. وبعد كل قفل من الأغنية كان يردد هذا الدور: صدقني وتزوج امرأة بسيطة قبيحة:
Believe you me, and marry an ugly simple woman