أحفاد صدام.. لماذا ؟

TT

لأنه لا تزُرْ وازرة وزْر أخرى لا يمكن ان نحاسب الابناء بجرم الاباء، ولا القبيلة بجريرة احد افرادها إلا ان هناك من يظن ان الانتقام حق طبيعي ومشروع في التصفيات السياسية، كما رأينا في تهديدات تطلق ضد أحفاد صدام الذين قيل انهم ذهبوا لحضور حفل فني احيته الفنانة هيفاء وهبي، وطالبت الدعوة ايضا بملاحقة من تبقّى من افراد عائلة الرئيس العراقي المخلوع.

وعندما تحدثت رغد عن أبيها بإعجاب ودافعت عنه هناك من طالب في الحكومة العراقية الحالية بمحاسبتها من مبدأ فتح كل الملفات والتفتيش عن المخالفات. اعتبر ما قالته موقفا سياسيا ويبرر لبعض العراقيين ذريعة الثأر من عائلة الرئيس والمقربين منه. لكن الخلق الرفيع الذي نريد ان نفاخر به كعمود لتقاليدنا القديمة ونؤسس عليه القوانين الحديثة يأبى مثل هذه الملاحقات الانتقامية التي تطال افراد المطاردين او المكروهين في المجتمع. من حق ابنة صدام ان تعجب بابيها وان تقول ما تشاء عنه، ومن حق احفاده ان يعيشوا حياتهم آمنين بعيدا عن الملاحقة. ولو جاز لأحد في النظام الجديد ان يحاسب العائلة على افعال ابيها لما صار هناك فارق بين النظامين. ما فعله صدام بعائلات خصومه جريمة لا تغتفر، ولن تغتفر الجرائم المماثلة التي قد تطول ابناء الملاحقين او المسجونين من رموز النظام السابق. ولعل في ظهور بعض اقرباء صدام والحديث في وسائل الاعلام تقليدا جديدا في العالم العربي يحتسب لصالح العراق الجديد الذي يميز بين الثأر والمحاسبة القانونية وينأى بمظهره السياسي والقانوني ان يشابه العراق القديم، رافضا ان تسود قوانين الغاب.

وهذا يماثل بشكل أو آخر ما قيل حول ملاحقة اقارب زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن. فقد عاب بعض الاميركيين، ومن بينهم المخرج السينمائي مايكل مور، على الحكومة الاميركية لأنها سمحت لافراد من عائلة بن لادن بالسفر بدل منعهم من مغادرة الاراضي الاميركية في اعقاب احداث الحادي عشر من سبتمبر. والحق ان الحكومة الاميركية، التي تركت لوزارة العدل التصرف بالقضية، اعتبرتهم ابرياء ولا يعقل ان يتركوا عرضة للملاحقة بتهمة الرابط العائلي وحسب. لكن رغم مرور ثلاث سنوات استمرت اصوات تعتبر ما حدث إفراطا بحكم ضحايا هجمات سبتمبر من دون الالتفات الى ان عائلة بن لادن هم في حقيقة الامر ضحايا منذ ان بدأ صيته السيئ ينتشر اولا في بلده المملكة العربية السعودية ومصر ثم في انحاء العالم.

لنقل إن من حق بنات صدام واحفاده ان يعيشوا حياتهم آمنين طالما انهم لم يكونوا في موقع السلطة او طرفا في الجرائم التي نفذت، ولنقر ان اقرباء بن لادن، في معظمهم، هم ضد ما يحدث وهم يدفعون ثمنا قلما عرفه الناس بسبب المقاربة في الاسماء والدم.

[email protected]