القارئ كمحلل نفسي!

TT

هل إقدام الكاتب على كتابة سيرته الذاتية التي يبث فيها احزان نفسه وآلام روحه هو نوع من العلاج النفسي يقنع فيه الكاتب بدور المريض ويرتضي عن طيب خاطر بان يكون قارئه هو طبيبه النفسي؟... هذه كليو كستيلو الكاتبة الفرنسية تتوجه الى عيادة القارئ النفسية لتعترف له وتطلعه على قصة الحب الحزينة التي تعيشها مع مذيع شهير تكن له مشاعر شديدة العذوبة والرقة والدفء.

منذ السطور الاولى لرواية «حبيبي للأبد» يتبين للقارئ مدى قسوة القدر على الكاتبة كليو كستيلو عندما يصدمها نبأ اصابة حبيبها المذيع بورم في المخ. وتبدأ الكاتبة وصف مشاعرها عندما تتخيل حياتها بدون وجوده الى جانبها.. كيف ستبدأ يومها بدون القاء تحية الصباح عليه او تناول الافطار معه؟ ماذا عن مستقبلهما الذي خططا له معا؟ وماذا عن ابنتهما التي لم تأت بعد والتي اختار لها الاسم الذي اتفقا عليه بعد طول نقاش محبب!

تمزج الكاتبة بين ماضيهما المشترك المفعم بالسعادة والفرح والضحكات وبين الحاضر والواقع الاليم الذي يملؤه البكاء والدموع.

تكشف لنا سطور الرواية عن المونولوج الداخلي الذي يدور في داخل نفس الكاتبة مخاطبة نفسها تارة والقارئ طبيبها النفسي تارة اخرى. وفي كثير من الاحيان تخاطب حبيبها مذكرة اياه بأوقات السعادة التي ظللهما فيها الحب ثم يداهمها الواقع القاسي فتبكي قسوة القدر وغدر الزمان.

ربما يتساءل القارئ في بعض المواضع بالرواية ما اذا كانت قسوة القدر قد افقدت الكاتبة توازنها النفسي والفكري وجعلتها تجنح الى رفض القدر الغاشم والواقع الغادر.. ربما المصير الذي لم تتخيله يوماً لحبيبها ولحياتها بدونه قد جعلها تتشبث بالماضي الجميل السعيد الذي شهد لحظة لقائهما الاول المفعم بالنشوة والفرح.

الكثير من الوقت تمضيه الكاتبة في البكاء لأنها لا تملك أزاء فجيعتها شيئاً ولا تستطيع تغيير القدر المحتوم. وتمضي سطور الرواية الى نهايتها تاركة القارئ في اكثر حالات التعاطف مع الكاتبة.. يبكي القارئ على وقع دموعها التي تنساب على وجهها، ويحزن لحزنها ويفرح عندما تخبره بحكايات حبهما البهيجة في سابق الأيام.