السعوديون ينتخبون

TT

السعودية.. انتخابات. كلمتان كانتا من الصعب جدا أن تذكرا في جملة واحدة، ولكننا اليوم مقبلون على خطوة مهمة في تاريخ العمل والاصلاح السياسي السعودي، وعليه باتت كلمة الانتخابات جزءا أساسيا من الواقع السياسي بالبلاد. وبالرغم من «رمزية» الانتخابات البلدية المزمع اجراؤها الا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح ولا شك.

والانتخابات القادمة هذه هي نموذج للسؤال الأزلي الذي يطرح دوما في مثل هذه المناسبات من الذي تقع عليه مسؤولية التغيير: الدولة أم المجتمع؟ وطبعا الاجابة المنطقية تقول إن المسؤولية تقع على عاتق الاثنين، وإن كانت بنسب متفاوتة.

اليوم أصبح بالإمكان أن يختار المجتمع من يمثله في انتخابات المجلس البلدي (خمسون في المائة منه، والباقي سيكون باختيار الدولة)، فهل سيقوم المجتمع بأداء دوره بكفاءة واختيار من يمثله بناء على اعتبارات موضوعية مستقلة لا علاقة لها بعوامل شخصية أو انتماءات عرقية أو قبلية أو مناطقية أو قدرات مالية أو جاه اجتماعي معين؟ هذا سيكون التحدي الأول والأكبر للناخب السعودي: قدرته على التعامل مع هذه المناسبة بناء على رؤية وطنية موضوعية.

ويخطئ من يظن أن التجربة «فاشلة» أو أنها «لن تنجح»، فهذه رؤية سلبية قاصرة وعذر واه للاستمرار في الابتعاد عن الادوار المطلوبة من كل مواطن (بالرغم من وجود العديد من الاعذار والعراقيل) الا أن السلبية لن تفيد، والانتخابات البلدية هذه هي وسيلة لإبراز صوت المواطن في قضايا معينة تخص حياته اليومية وتطويرها.

والنظام الانتخابي ولوائحه التي صدرت لم يسمح للمرأة لا بالترشيح ولا بالانتخاب. والحقيقة أننا بذلك نفوّت فرصة تاريخية على اطلاق حملة انتخابية بمشاركة عنصري المجتمع.

وكل الأمل أن يعدل ذلك في أقرب وقت، ويسمح للمرأة بأن ترشح وتنتخب من تشاء. واذا كان الحق عز وجل ساواها بالرجل في عباداته، فكيف نفرق نحن البشر؟ وهناك أمر آخر لم يتم توضيحه بالشكل الكافي أبدا، وهو دور المجالس البلدية هذه. ما هي صلاحياتها، وما هي الأمور التي ستبحثها.

وعليه لا بد من تكثيف المعلومات عن المجالس البلدية عبر ندوات تلفزيونية أرضية وفضائية وندوات عامة في الغرف التجارية والجامعات والمدارس. كل ذلك من شأنه أن يزيل الغموض واللبس ويجيب عن معظم الأسئلة التي قد تدور في أذهان الناس، وبالتالي قد تجعلهم يقدمون على التصويت والمشاركة بثقة واطمئنان أكبر وهذا هو المطلوب.

الانتخابات البلدية تجربة مهمة للدولة والمجتمع ولا بد أن يعمل الكل على انجاحها وتطويرها فهي حتما... أمل.