مارك ثاتشر

TT

تلاقى مارك ثاتشر مع العرب في حسن الطالع وسوء الحظ. اوائل الثمانينات ورد اسمه في صفقة لشركة بريطانية مع سلطنة عمان، قيل ان اعضاءها العرب استغلوا نفوذ مارك ثاتشر الذي استغل نفوذ والدته. والآن يرد اسم مارك ثاتشر في افريقيا الى جانب اسم الثري اللبناني إيلي خليل في تمويل محاولة انقلابية في غينيا الاستوائية. والمعروف عن ايلي خليل انه ليس صديق الرؤساء في القارة بل «صانعهم» ايضاً. ويعتبر من اغنى رجال الاعمال في افريقيا، ان لم يكن اكثرهم ثروة. ويعيش الرجل الاسمر البشرة، الاكثر ميلاً الى الوسامة، «نوعين» من الحياة: الاولى في صخب افريقيا واسواقها وثرواتها وتجاراتها، والثانية في هدوء لندن. الاولى يعيشها في الطائرات الخاصة واغداق الهدايا على كبار المسؤولين، والثانية يعيشها حياة ثقافية، ويمضيها في جمع كتب التراث الاسلامي والتحف والكتب النادرة عن نابوليون. ويقال ان مجموعته عن الامبراطور الفرنسي قد تكون الاهم خارج المتاحف الفرنسية.

لا نعرف عن المحاولة الانقلابية في غينيا الاستوائية اكثر مما اشيع حتى الآن في صحف لندن وجنوب افريقيا. ومنذ سنوات طويلة لم يرد اسم مارك ثاتشر في الاخبار. وكنت قد امضيت سحابة نهار كامل في البحرين في رفقة مارغريت ثاتشر وابنها. فقد جاءت الى المنامة بعد تركها 10 داوننغ ستريت بدعوة رسمية.

واعد لها وزير الاعلام الراحل طارق المؤيد جولة في الاماكن التاريخية والمتحف. ورافقها في الجزء الاول من الجولة، ثم شعر بالملل، فترك المهمة الى خليل الذوادي، وكيل الوزارة، وخيرني بين الاستمرار او العودة الى الفندق. وقد بقيت مع الركب. فقد كان يهمني الاصغاء الى الشروح التاريخية، لكن كان يهمني اكثر الاستماع الى الاسئلة التي تطرحها المسز «تي». وتحولت السيدة التي كانت اقوى امرأة في العالم الى سائحة تاريخية مصغية. واشعرت دليلها انها مهتمة بتاريخ دلمون اهتمامها بتاريخ الامبراطورية. وطوال الرحلة ظل مارك ثاتشر صامتاً يسير خلف ام حكمت بريطانيا العظمى طوال عقد كامل. وشيئاً فشيئاً اختفى البريق. وتفرق من حولها الرجال الذين دفعتهم ذات يوم الى واجهة السياسة البريطانية. واذ نما من حولها عشب النسيان، تكاثرت عليها الالقاب الملكية النبيلة، من ليدي الى بارونة. وها هي تمضي سنوات الشيخوخة في وحدة. وفي يوم رأس السنة الجديدة هذا العام قيل انه لم تصلها سوى اربع بطاقات معايدة، اثنتان منهما من ابنها وابنتها. وبعد ذلك فقدت «دنيس»، الزوج الذي صنع ثروة العائلة، فيما صنعت ابنة بقال فنشلي مجد العائلة السياسي. وطوال نصف قرن لم يرد اسمها الى جانب علامة استفهام. الا تلك التي وضعت الى جانب اسم ابنها. وامس ايضاً ورد اسمها مرة اخرى عندما دفعت كفالة قيمتها 300 الف دولار لرفع الاقامة الجبرية عن الرجل الذي بلغ الحادية والخمسين من العمر ولا يزال في حاجة الى رعاية امه.