نخجل أم ننتظر..؟

TT

نخجل من عروبتنا أم ندافع عنها أم ننتظر الى ان ينجلي الغبار عن الحقائق المغيبة..؟

الانتظار لا بد منه، فسير التحقيقات ليس بايدينا لكن أحيانا ومع الاحساس بنقص المعلومات لا يوجد على الصعيد الانساني والعقائدي والقومي غير الخجل العميق الممض المخزي للتعبير عن أحزان بحجم الكون أمام مأساة بهذه الفظاعة.

ان كان هناك عرب فعلاً بين منفذي مجزرة الأطفال الروسية في بيسلان فلا نملك جميعا الا أن نشعر بالعار والخجل والخزي من عروبة تنحدر الى هذا المستوى غير المسبوق من الوحشية والبهيمية.

بغير هذا جاءت العروبة، وبغير هذا نادى الاسلام، وبغير هذا نطقت الفطرة والمشاعر والأحاسيس الغليظة منها والرقيقة، لكن هؤلاء الذين تسببوا في ذلك الالم كله للبشرية جميعها وليس لأهل الأطفال وحدهم أقل من الوحوش وأدنى مرتبة من أية بهيمة تدب وتسعى.

وقبل أن نوغل في هذا الاتجاه أذكر ان هذا الكلام يكتب بعد أيام من أبشع مجزرة تشهدها الانسانية في قرنها الحالي وان الافكار تتحرك على ايقاع الجنائز والأحزان ودموع الامهات والتفاصيل الصغيرة الأخيرة لكل ضحية بريئة حملت دميتها معها وسارت فرحة الى مدرستها فصار يومها الأول في المدرسة هو يومها الأخير.

ان الصورة الكاملة لم تتوضح بعد، وقد لا تتوضح أبدا، لكنهم منذ اللحظات الأولى يشيرون الى وجود عرب من دون أن يقدموا حتى الآن أدلة، وتلك مسألة تعودناها في كل عمل ارهابي فإما ان يكون الفاعل عربيا أو مسلما أو بملامح شرق أوسطية، يعني الصفتين معا، فلم نسمع بعد عن عمليات قام بها مسيحيون شرق أوسطيون.

الدليل الوحيد الظني الى مساء الثلاثاء الماضي ـ ودعك من فبركات ماكينة الاعلام الرسمية ـ كان وجود دفاتر باللغة العربية في رماد المدرسة وهذا ليس دليلا نهائيا ولا يثبت ان الدفاتر جاءت مع المتفجرات من الخارج، فكل مدارس تلك المناطق المحيطة بالجمهوريات الاسلامية ورغم أغلبيتها الأرثوذكسية فيها طلاب مسلمون، وروسيا التي ورثت الاتحاد السوفياتي لم تعد تتشدد في تدريس العقائد كما كان عليه الحال أيام الشيوعية، الأمر الذي يجعل من وجود مثل تلك الدفاتر مسألة عادية في جميع مدارس المنطقة.

ان النية لاتهام عرب موجودة سلفا وان لم توجد فالجميع يعرف وسلفا ايضا انهم سوف يقفزون اليها فلا شيء يريح السياسيين الفاشلين الذين عجزوا عن تحقيق وعودهم وتطوير البلاد في الداخل مثل القول بوجود هجمة للإرهاب العالمي تستهدف أمن ومقدرات هذا الشعب أو ذاك.

على الصعيد الروسي هذه النقلة في التفكير وفي هذه المرحلة بالذات أكثر من مطلوبة ومرغوبة، فحين تحدث يقل لوم السلطة المركزية وتختفي مطالب التحرر الوطني التي يرفعها الشيشانيون وتختفي معها القضايا المحرجة كلها تحت مظلة محاربة الارهاب تماما كما يحدث في الولايات المتحدة الأميركية حيث لم يعد النقاش السياسي العادي الحيادي ممكنا ولا مجديا في ظل سلطة ترهب مواطنيها قبل العالم وتؤجل الاستحقاقات كلها الى حين القضاء على الارهاب العالمي.

وأعود فأذكر بأني لا أثبت ولا أنفي ولا أشجع على القفز الى نظريات المؤامرة فقد يكون هناك عرب في بيسلان وقد لا يكون، وحين يثبت ذلك سنخجل جميعا من عروبتنا ومن ذاك الحضيض اللاأخلاقي الذي وصلت اليه فئة منا ومن فشل تربيتنا التي سمحت بنشوء وحوش من هذا النوع بين ظهرانينا.

لقد تفطرت قلوبنا وخجلنا انسانيا من هذا الانحدار البشري باتجاه التوحش المطلق ويجب الا نخفي قوميا شعورنا بالخزي ان كان بعض هؤلاء الأقلّ مرتبة من الوحوش يحملون الجنسية العربية.