هل هو صدام وهل كان الدوري؟

TT

عليك دائما ان تختار ما يلائم تفكيرك، ان كنت واقعيا او ميالا للشك الدائم، حيث لا يوجد دليل في العالم سيقنعك طالما انك لست طرفا مباشرا وترى الأمر بعينيك. ولنتذكر ان كتابا باع مائتي الف نسخة ادعى مؤلفه الفرنسي ان طائرة لم تضرب مبنى وزارة الدفاع الاميركية في الحادي عشر من سبتمبر وانما كان انفجارا داخليا، رغم مئات الشهود الذين شاهدوا الطائرة. فاذا كانت طائرة ضخمة لم تقنع بعض الجمهور فمن الطبيعي ان يسري الشك على روايات الافراد خاصة اذا كانوا في المحبسين.

طبيب صدام نبهنا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الى ان صدام الذي ظهر على الشاشات في المحاكمة بلا شامة على خده، وعقب عليه آخر قائلا ان السجين لم يكن الا شبيها له.

القصة الثانية معاكسة تماما للأولى، عن عزة الدوري، نائب صدام. فرغم تراجع الحكومة العراقية عن روايتها وتأكيدها على ان الرجل المقبوض عليه لم يكن الدوري الا ان هناك من أصر على أن الحكومة امسكت به وسلمته للأميركيين الذين خبأوه في قبو تحت الأرض.

وللدوري قصة تعبر عن خيالنا الواسع المستمد من الظروف التي نعيشها. روى لي احد الزملاء القصة كما سمعها من المكتب الأول في بغداد. يقول ان رجلا بدت عليه ملامح القلق تقدم الى مكتب الجوازات طالبا اصدار جواز لنفسه بأوراق اعتقد انها مزورة. ولأن الموظف من نفس منطقة الدور فقد تراءى له ان الرجل الشاحب الواقف امامه هو عزة الدوري جاء باسم آخر مزور. وعززت ظنونه جائزة العشرة ملايين دولار التي لها ان تغير حياة الاثنين، الدوري الطريد والدوري الموظف. قفز من مكتبه واسر الى اثنين من اقرب اصدقائه في العمل بالاكتشاف وطلب منهما التكتم حتى يتم تقاسم الجائزة ثم جروا الدوري الى غرفة وحبسوه هناك، وتخفيفا من المنافسة نقلوه الى دار أخرى واتصلوا بالحكومة بأن الدوري في قبضتهم. وما لبث ان تحول الحي الى ساحة حرب، فقد ارسلت كل جهة عسكرية في البلاد تعزيزاتها من دفاع الى أمن الى شرطة فاستخبارات وبالطبع كانت الحظوة للقوات الاميركية. واقتيد الدوري المزعوم الى الفحص الطبي عند الاميركيين بينما شاعت القصة. واضاف كل من شارك او عرف احدا مشاركا في القبض، بهارات حول ما جرى مؤكدين انه الدوري، وتسابق الوزراء يعلنون عن نبأ القبض.

في الصباح دق جرس الهاتف من القيادة الاميركية يبلغ الحكومة العراقية ان الرجل الذي بحوزتهم ليس الدوري المطلوب وفقا للفحص الحمضي وان بامكانهم ان يستعيدوا البضاعة.

اين الدوري؟ لا أحد يدري. هناك من يجزم انه توفي متأثرا باللوكيميا، وهناك من يدعي انه شاهده في احد المنتجعات على البحر المتوسط في دولة عربية دخلها بجواز مزور وحقيبة محشوة بالدولارات.

[email protected]