كلمة إنصاف

TT

قليلة هي الكتب التي تصدر في الغرب الأوروبي والامريكي لتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الاسلام التي استقرت في اذهان الملايين في اوروبا وامريكا، ولتوضيح كيف ان افكار المساواة بين الناس والعدالة الاجتماعية والتسامح كانت ولا تزال تشكل احد اركان الدين الاسلامي. من هذه الكتب المهمة والقليلة كتاب «موجز تاريخ الاسلام» للكاتبة كارين ارمسترونج الصادر عن دار نشر «فايد تفيدلد ونكلسون» في لندن.

تقول المؤلفة في مقدمة الكتاب: «لم يسأ فهم دين في التاريخ المعاصر كما أسيء فهم الدين الاسلامي، فقد ارتبط في الذهن الشعبي الغربي كعقيدة متطرفة تشجع على اقامة الدولة الشمولية واضطهاد المرأة واشعال الحروب الاهلية وممارسة الارهاب.

يتحدث الكتاب عن هجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) من مكة المكرمة في القرن السابع الميلادي وعن تأسيس اول مسجد في الاسلام، ثم يتناول بالتحليل الاحداث التي وقعت عبر تاريخ الاسلام وانتشار الدعوة الاسلامية في شمال افريقيا وامتدادها الى قارة آسيا، وتأثير الحروب الصليبية في عالم الاسلام، ثم ازدهار الامبراطورية الاسلامية في القرنين الرابع عشر والخامس عشر حينما شهد العالم ثلاث امبراطوريات اسلامية عظمى.

ترد الكاتبة في كتابها على الذين ينطلقون من منظور ان الغرب والاسلام هما حضارتان متعارضتان، مؤكدة ان الاسلام لم يكن ولن يكون ضد المعاصرة والتطور او غير مهتم بما يدور في هذا العالم من جديد على مختلف المبادئ والأصعدة.

ترى كارين ارمسترونج ان القرآن الكريم منح المسلمين مهمة تاريخية تتمثل في خلق مجتمع عادل يحظى كل افراده بنفس القدر من القيمة والاحترام، وان خبرة تأسيس مثل هذا المجتمع والعيش فيه، منحت المسلمين جوهر الحياة الدينية الذي يعني ان شؤون الدولة لا تنفصل عن الشؤون الروحية عند المسلمين.

في اعتقاد المؤلفة ان المسلمين استطاعوا على مدى تاريخهم ان يطورا شعائرهم وفلسفاتهم ومناهجهم الدينية الخاصة، ولم يكن لكل هذا التواصل ان يحدث لو لم يكن لديهم ذلك الالتزام الديني المتصل في مواجهة الأحداث السياسية في المجتمع الاسلامي.

وترى ارمسترونج ان المسلمين يتأملون الاحداث الدينية لعصرهم وفي نفس الوقت يتأملون التاريخ الماضي مستخدمين القدرات العظيمة التي منحها لهم دينهم، فهم لا يهملون اية حادثة من التاريخ الماضي مهما كان شأنها لأن احدى السمات الأساسية للاسلام هي احترام التاريخ والاستفادة من تجاربه.. وربما لهذا يقولون ان المسلمين ينظرون الى الماضي اكثر من المستقبل.

[email protected]