اغتيال الفيلم.. الحلم!

TT

الفنان الحقيقي مهما بلغ من النجاح في المجال الذي يبدع فيه إلا انه يشعر في قرارة نفسه بعدم الرضا عن كل ما حققه من نجاح وبأن افضل اعماله لم يقم به بعد.. ومن هؤلاء الفنانين الحقيقيين العظام المخرج السينمائي هيتشكوك الذي يعد علامة من علامات الاخراج السينمائي منذ اختراع فن الصور المتحركة وحتى الآن.

عندما اراد هيتشكوك، صاحب الشهرة الكبيرة في فن السينما، ان يقدم حلما من احلامه السينمائية وهو في الثانية والستين من عمره تكفلت استديوهات يونيفرسال في مدينة السينما الاميركية هوليوود باغتيال هذا الحلم او الفيلم الذي كان اقرب افلام هيتشكوك الى نفسه وقلبه، فهذا الفيلم الذي رعاه المخرج العظيم لسنوات طويلة لم ير النور ابدا بسبب خشية استديوهات السينما من ان يثير الفيلم العديد من النقاش والجدل الذي لم يكن من المستحب الخوض فيه في ذلك الوقت.

الفيلم بعنوان «المشكلة» ويحكي قصة الشاب الوسيم السيكوباثي وصديقته، وهي قصة واقعية بطلها نيفيل هيث، ضابط السلاح الجوي الملكي الذي يبلغ من العمر 28 عاما، والذي تم اعدامه عام 1964 بتهمة الاعتداء الجنسي والقتل الوحشي لامرأتين.

يقول خبراء السينما إن هيتشكوك في هذا الفيلم وفي كل افلامه السابقة لا يفكر في الزمن الذي يعيش فيه ولكنه يسبق زمنه بعدة سنوات ليتنبأ بما سوف يحدث، وفي اعتقاد خبراء السينما ان هذا الفيلم الذي مات هيتشكوك دون ان يراه على الشاشة الفضية لم يأت مثله ابدا في تاريخ السينما حتى الآن، من حيث جدة الاسلوب والمحتوى الملائم لشكل الصورة، وكذلك العنف بمستواه غير المسبوق. وقد رفض المسؤولون عن استديوهات يونيفرسال تنفيذ هذا الفيلم لما يشير اليه من تغيرات جذرية في فن الاخراج.

ولقد تم أخيرا العثور على الفيلم وعلى ما كتبه هيتشكوك بخط يده كملاحظات عليه عندما كان المؤرخ السينمائي دان اولين يقلب في بعض اوراق متعلقات هيتشكوك التي وهبتها ابنته باتريشيا الى اكاديمية العلوم والفنون السينمائية بلوس انجلوس.

وفي رأي دان اولين ان هذا الفيلم هو افضل افلام هيتشكوك على الاطلاق حيث كان عازما على الاستعانة بممثلين جدد تماما وغير معروفين لأداء ادوار الفيلم، تماما مثلما فعل مع كاري جرانت وجريس كيلي اللذين حولهما الى شخصيات سينمائية شهيرة.

رحل هيتشكوك وهو في الثمانين من عمره حزينا على اغتيال فيلمه الاخير والاثير، الذي كان يظن انه بخروجه الى المتفرجين والبقاء في دور العرض السينمائي سيكون قد حقق لنفسه حلم حياته الفنية وللسينما نقلة نوعية كبيرة على طريق تطورها، ويبدو ان هيتشكوك لم يسامح ابدا ستديوهات يونيفرسال على ما اقترفته في حق عبقريته وفنه.