جامعة عربية أم جمعية سرية؟

TT

أول درس يمكن أن نتعلمه من المشاركة العربية في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، رمته الجامعة العربية وراء ظهرها وضربت به عرض الحائط.

والجامعة العربية ما تزال ترفض التصريح بالمبلغ، الذي تم جمعه للمساهمة العربية من دول ومنظمات وشخصيات عربية ساهمت لانجاح مشاركة الثقافة العربية كضيف شرف في فرانكفورت.

فالجامعة العربية ليست جمعية ماسونية والذين تبرعوا لهم الحق في الحصول على شكر من كل من تهمه سمعة الثقافة العربية، التي تخوض بهذا المعرض أكبر، ونأمل ان تكون أنجح تجاربها. هل يخاف الأمين العام للجامعة ان أعلن حجم التبرعات واسماء المتبرعين، أن يقال ان الذين تبرعوا حصلوا على أفضلية في البرنامج العام وعلى موقع أعلى بكثير مما تؤهلهم له امكانياتهم الثقافية؟

وهذه المسألة لن تزعج الألمان لتعودهم على أمثالها لكنها ستزعج بعض العرب، الذين لا وجود لهم في البرنامج وهؤلاء لهم الحق ان يتساءلوا ان كانت ثقافة الغنى تطرد ثقافة الفقر، وعلى الأمين العام ان يجيبهم وبشفافية كاملة، ليؤكد أو ينفي ان كان مبدأ الدفع مقابل الحضور المكثف في البرنامج، قد تم اعتماده كأسلوب رسمي وافقت عليه تحت اشرافه الجامعة العربية.

شخصيا أعرف معظم المساهمين بحكم الأسبقية الى التشجيع وقرع ناقوس التحذير منذ اللحظة الأولى، فقد كنت ضيفا على معرض فرانكفورت العام الماضي ورأيت وسمعت الكثير في الكواليس عن المساهمة العربية المقبلة والصداع الذي قد تسببه، وحين عدت كتبت مقالا عنوانه ان كان الأمين العام ما زال يذكر «قبقاب عمرو موسى» حذرت فيه من التأخير في الاعداد لتلك الفرصة الذهبية، التي ستعطي زخما قويا للثقافة العربية.

يوم نشر المقال في «الشرق الأوسط»، كنت في القاهرة، واثناء زيارتي للصديق الدكتور سمير سرحان ـ شفاه الله وعافاه ـ في مكتبه بالهيئة العامة للكتاب اتصل مكتب الشيخ سلطان القاسمي، حاكم الشارقة ليقول لأكبر ناشر عربي ان الشيخ الدكتور مهتم بالموضوع، وسيتبرع له ويعمل كل ما بوسعه من اجل انجاح المساهمة العربية، وعندها نظر الدكتور سرحان وقال ضاحكا: ها هي أفكارك وتحذيراتك بدأت تؤتي ثمارها. فقلت: أتمنى ألا تساهم تلك التحذيرات في زيادة ثراء الذين يتعيشون من النصب، باسم الثقافة العربية، وافترقنا ونحن نتوقع قبل فرانكفورت وخلاله خلافات كثيرة. غير حاكم الشارقة اهتم بالموضوع أيضا الأمير خالد الفيصل عبر مؤسسة الفكر العربي، التي ساهمت مشكورة وضمنت تواجد منسوبيها في البرنامج العام، وكذلك فعل مجمع أبوظبي الثقافي ومؤسسات أخرى دفعت لتضمن تواجد أنشطتها ومنسوبيها، وهذا حق اشترته بأموالها دون ان ينقص ذلك من غيرتها على الثقافة العربية.

حتى دولة الامارات التي اختلفت مع الأمين العام منذ أن حجب مبادرة الشيخ زايد عن مؤتمر القمة العربي، الذي سبق غزو العراق دفعت مساهمتها مع 15 دولة عربية، ولم يتأخر عن الدفع حسب علمنا غير دولتين عربيتين، فما الذي يمنع الآن من اصدار قائمة بحجم التبرعات واسماء المتبرعين لنشكرهم.

[email protected]