دعوا أحلام الفيلة ..!

TT

اللحظة التي خسر فيها الحزب الجمهوري ولاء السود يمكن تحدديها بدقة كاملة: إنها يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1960. ففي ذلك اليوم أعتقل الأب مارتن لوثر كنج، بولاية جورجيا، خلال اعتصام جالس، ونقل إلى سجن مشدد الحراسة وحكم عليه بالسجن أربعة أشهر مع سلب حق الضمان. وكما نقلت «النيويورك تايمز» وقتها، فإن جون فيتزجيرالد كيندي، اتصل بكوريتا كنغ، معبرا عن قلقه واهتمامه، بينما لم يعر رتشارد نيكسون الأمر إلتفاتا. وقال والد مارتن لوثر، في مظاهرة سيرتها الكنيسة، معلقا على اتصال كيندي: « كان أمرا يتطلب قدرا كبيرا من الشجاعة أن يتصل كيندي بزوجة إبني في مثل ذلك الوقت. لدي كل أصواتي، ولدي حقيبة يدي، وسأحملها جميعا وأضعها بين يديه».

في عام 1956 نال دوايت أيزنهاور 40% من أصوات السود الأميركيين. وقد علقت أنا شخصيا شارة كتب عليها «أحب آيك» عندما كنت بالصف الأول. ونال نيكسون 32% من أصوات السود عام 1960. وبعد بضع سنوات لاحقة، وعندما تصاعدت حركة الحقوق المدنية وأعلن الحزب الجمهوري «استراتيجيته الجنوبية»، صار الناخبون السود يصوتون لحزب واحد فقط. ولكن ما هو الثمن الذي دفعوه لهذا الولاء؟

في خطاب ألقاه أمام جمهور من الرابطة القومية المدنية، استعار الرئيس بوش العبارة الاستفزازية التي تفوه بها أحد أعضاء المجلس التشريعي بولاية إلينوي، حيث قال: « اختنق السود وهم يبتلعون الحمار، فأنى لهم بابتلاع الفيل». وواصل ليطرح على السود نفس الأسئلة التي يطرحونها هم على أنفسهم: ولكن هذه الأسئلة تنطوي على فرضية مكملة غير مصرح بها: لماذا تؤيد حزبا لا يعطيك أدنى اعتبار؟

قالت لي كوندوليزا رايس: «هذه ستكون الأعمدة التي ستقوم عليها مجتمعات السود. ففي مجموعتي الصغيرة في برمنجهام، بولاية ألاباما، أثناء الخمسينات والستينات، كنت ترى الأعمال التي يملكها السود في كل مكان. وكانت كل الأسر تملك منازلها. وهذا جعل ذلك المجتمع الصغير متماسكا وقويا. علينا أن نعيد الأمور إلى ما كانت عليه». يضاف إلى ذلك أن أغلبية السود ينتمون إلى البروتستانتية الأنجليكانية، وهم أكثر محافظة من رصفائهم البيض فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية مثل حقوق المثليين وعقوبة الإعدام. وقال روفي إن الحزب الديمقراطي ليس مساندا للسود بنسبة 90%، على سبيل المثال، مقارنة بنا. ولكن لماذا يصوت السود مع كل ذلك للحزب الديمقراطي؟

يوافق صديقي مايكل دوسون، على ما يقوله روفي حول أن السود محافظون بصورة عامة. ولكن القضايا التي تحدد مواقفهم في صناديق الاقتراع هي القضايا العرقية، والاقتصادية على وجه الخصوص، وان الأحزاب لديها استراتيجيات متعددة الطبقات في القضايا العرقية. فيمكن للحزب الجمهوري أن يجذب البيض المعتدلين بالتعبير عن بعض التعاطف في قضايا الأعراق. ويقول دوسون: من الناحية الأخرى فإنك يمكن أن تذهب إلى ولاية مثل فلوريدا فتجد أن السود الفقراء يجري تجريدهم من حقوقهم في المشاركة الديمقراطية.

وهكذا فإن قدر السود، في نظام من حزبين، وولاء لحزب واحد فقط، ليس أمامهم سوى التهميش. ولا يتعلق الأمر بأن المرشحين لا يتصلون، ولكن المشكلة أنهم يتصلون ويتركون دفع ثمن الاتصال للمتلقي.

* خدمة نيويورك تايمز