الأب والإبن وديغول

TT

يفترض في الصحافي، وخصوصا الكاتب ان يتابع كل شيء. او معظم الأشياء. سواء احبها أو لم يحبها. وكان لنا في الماضي زميل مر في الصحافة مرورا مختصرا، بسبب روابط اسرية. وكان يكره، من بين جميع الناس، شارل ديغول. فاذا جاءه خبر يحمل اسم ديغول امسك به ورماه في سلة المهملات. ولا أدري ان كان قد قبل بنشر تصريحات ديغول حول استقلال الجزائر.

اتذكر الزميل السابق كلما وقعت على خبر او كتاب يتعلق بجورج بوش، اب او ابن. فمنذ ان نجح الابن في الوصول الى البيت الأبيض توقفت عن قراءة كل ما يتعلق به. فقد كانت قناعتي مما قرأت سابقا ان الرجل غير خليق بحاكمية تكساس فكيف بحاكمية الكرة. وبما انه لا يمكن ان يتطور كثيرا خلال فترة قصيرة فقد اعلنت يأسي. وقبل ذلك كنت يائسا من ان اعجب ذات يوم بالمستر بوش الأب. او بالسيدة بربارة قرينته، ووالدة الرئيس الابن. وقيل ان شقيقه «جب»، حاكم فلوريدا، افضل حالا واكثر ذكاء. وثمة شيء في داخلي حال دون تغيير الرأي.

فالداعي لكم بطول العمر لا يعجب إلا بالاذكياء والمثقفين وخفاف الظل. وكنت اتابع بوش الأب يوم كان سفيرا لدى الأمم المتحدة ثم نائبا للرئيس. وعبثا حاول ان يقنعني. واخفقت ايضا في اقناع نفسي. وعندما هزمه يتيم مجهول يدعى بيل كلنتون فرحت الفرحتين. الأولى لأن العالم سيرتاح من ابتسامة بوش التي تشبه عبوس دونالد رامسفلد، والثانية لأنني اقدر بلا حساب، كل عصامي ناجح. والذكاء. وخفة الظل. وهناك سبب ثالث، وهو بدل ان يتحمل العالم 4 سنوات اخرى، وجوم بربارة بوش ومحاولتها تقليد والدة جون كينيدي، سوف يرى سيدة حسناء. ولم يكن احد منا يدري انذاك ان صفا طويلا من النساء سوف يلحق بكلنتون الى البيت الأبيض، جميعهن على مستوى منخفض جدا من الجمال. أيا كانت النسبة او كان المقياس. ووصل خداع كلنتون للعالم الى ذروته عندما اكتشف أمر مونيكا لوينسكي. بلا ذوق.

ومع ذلك لم استطع ان اعجب بالرئيسين بوش. شكلا وموضوعا. والانجاز الوحيد الذي حققه الابن هو انه جعلنا ننسى الأب. وقد قرأت في «الصنداي تايمس» هذا الاسبوع عن كتاب جديد عن الأحوال النسائية وسواها عند الرجلين. وتبين ان الأب لم تكن تحكمه بربارة، بل امرأة اخرى في الظل. ولن اتحمس بما يكفي لشراء الكتاب وقراءته. اولا، لأن امور المخادع الخاصة لا تعنيني. وثانيا لأن أي شيء لن يغير في صورة العائلة. ولا شيء يمكن ان يجعلها تبدو للاميركيين أو سواهم، مثل عائلة كينيدي. ومهما بحثت المؤلفة في خزائن بوش الأب فلن تعثر على مارلين مونرو او مارلين ديتريش، التي صادقت جوزف كينيدي الأب ولحقت بالابن في البيت الأبيض، كما روت للمؤلف البريطاني ـ اميس قبل وفاتها بسنوات. والذين يهمهم القراءة عن جورج بوش وحكايته احرار. انا شخصيا مثل الزميل الذي كان يرمي اخبار ديغول في السلة.