وماذا عن بن لادن الباكستاني..؟

TT

ظل الرئيس بوش يبحث عن أسامة بن لادن طوال ثلاث سنوات من دون جدوى، ولذلك قررت أن أمد له يد المساعدة، ولهذا فإنني أجوب الآن كل أنحاء باكستان وأفغانستان، علني أعثر على أسامة وأرجع به مع أمتعتي وأطالب بالجائزة المعلنة والبالغة 25 مليون دولار. فتشت في زوايا المساجد ونظرت داخل آبار القرى، بل استرقت النظر تحت أرائك الملالي، ومع أن الحظ لم يحالفني حتى الآن، إلا أنني عثرت على ما يثير الاهتمام.

إنني أتحدث عن الاتفاق الذي تسمح الولايات المتحدة بموجبه لباكستان بجرجرة رجليها في ما يتعلق بالحد من انتشار الاسلحة النووية، مقابل انخراط الرئيس مشرف بكل ثقله في ملاحقة بن لادن والقبض عليه في موعد أقصاه الثاني من نوفمبر. وإذا قدر لقنبلة نووية ما أن تحطم كابيتول هيل في الولايات المتحدة، فإنها ستكون قد طورت غالبا بالاستناد الى التقنيات النووية الباكستانية. فالخطر الأعظم الذي اعترض طريق الحضارة مؤخرا لم يكن مصدره أسامة بن لادن ولا صدام حسين، بل كان مصدره عبد القادر خان الأب بلا منازع للقنبلة النووية الباكستانية. ومن الحقائق المؤكدة أن خان باع تقنيات نووية لإيران وكوريا الشمالية وليبيا، ولأمم أخرى عديدة حسب اعتقاد كثير من المسؤولين. والمدهش أننا لا نعرف كل زبائن عبد القادر خان حتى بعد ثمانية أشهر من اعترافه العلني، وقد اعترف مشرف بهذه الحقيقة في مقابلة معه. فقد قال مشرف في تلك المقابلة:

«لست واثقا من أننا كشفنا كل ما قام به، ولكنني واثق من أننا كشفنا الجزء الغالب من ذلك». وإذا ترجمنا ذلك إلى عربية فصيحة فإنه يعني ما يلي:

إنني أخشى أن تكتشفوا مؤخرا صفقات أخرى أبرمت فعلا، وما نزال نسعى إلى إخفائها عنكم. ومن المعروف ان الاستخبارات الأميركية لم تتمكن من استجواب خان، بل أن مشرف يقول إنهم حتى لم يطلبوا ذلك. قال مشرف:

«دعني أضع المسألة بوضوح: لم تطلب منا اية جهة أن يسمح لها باستجوابه».

ومن الواضح أن بوش لم يطلب ذلك من مشرف في مقابلتهم الأخيرة يوم الأربعاء الماضي، ومن الواضح أن الإدارة ليست حريصة كثيرا على هذه المسألة. فما هو السبب؟

السبب هو أن بوش المقبل على الانتخابات، لديه أولوية أخرى: إنه يريد مساعدة مشرف في القبض على بن لادن. وبالطبع فإن مشرف لا يمكن أن يقدم عبد القادر خان للتحقيق إلا بعد ضغط شديد. فعبد القادر خان بطل في باكستان وسيؤدي السماح لليانكي أعداء الإسلام الصليبيين بالتحقيق معه إلى ثورة حقيقية. وقد حذر غفور أحمد، السياسي الإسلامي وعضو مجلس الشيوخ الباكستاني، من مثل هذا الشيء قائلا:«سيكون رد الفعل عنيفا جدا».

وفي مقابلة معي قال غفور أحمد إن البديل لمشرف يمكن أن يكون أسوأ. وقال لي وهو في حالة من الغضب أن أسامة لا علاقة له بهجمات 11 سبتمبر (أيلول). وقد أوحى بأن الأحداث يمكن أن تكون عملية مشتركة بين حكومة الولايات المتحدة والاستخبارات الإسرائيلية.

والسؤال هو: ما هي تلك الدول التي يمكن أن يشير إليها خان بأصبع الاتهام إذا حققنا معه؟ ونفى مشرف كذلك أن تكون سورية من ضمن زبائن عبد القادر خان. ولا يمكن أن تكون سورية المالكة للأسلحة النووية وصفة ملائمة للاستقرار في المنطقة. يضاف إلى ذلك أن خان تربطه علاقات مع بعض الدول الإفريقية. ونحن لم نستوعب بعد طبيعة تلك العلاقات، بصورة كاملة.

التفسير الكريم والمتعاطف لفشل بوش في الوصول إلى أعماق قضية عبد القادر خان، هو أن الضغط الشديد على مشرف يمكن أن يؤدي إلى سحقه في مصهر الوطنية الباكستانية، فضلا عن أن لواشنطن مصلحة حقيقية في القبض على أسامة بن لادن، وبأسرع فرصة ممكنة. ومع أن بوش يطرح نفسه حارسا للأمن، وحاميا لأميركا من خطر الإرهاب، إلا أن أكبر خطر أمني يتهددنا هو 11 سبتمبر نووية، لأن مثل هذه الهجمات يمكن أن تبيد نصف مليون من الأميركيين في انفجار واحد فقط. ومهما تعاظمت همومه الانتخابية، فإن البيت الابيض ليس من حقه أن يتهاون في ملاحقة الزبائن النوويين الآخرين لعبد القادر خان.

* خدمة «نيويورك تايمز»